السبت، 15 سبتمبر 2018

هل ابتلعك الغول؟


منى عباس فضل

قبل أن تخلد للنوم، تريث وتنفس بعمق، تأمل واغرق في أعماق ذاتك، استحضر ما تشاء من صندوق الذكريات، حرك عقلك يميناً وشمالاً، وأسال نفسك؛ هل ابتلعني الغول؟

لو كنت حائرا في الإجابة، كرر على نفسك السؤال مرات ومرات، فإن غمز لك قلبك وأومأ إليك عقلك "بلا"؛ فاعلم أنك في سلام واطمئنان، ونم قرير العين واستعد لمقاومة حيل الغول في اليوم التالي.

الغول لا يتوقف عن محاولات الابتلاع، لن يهدأ له بال إلا بابتلاعك مع نسمة هوائك وموسيقاك وكلمتك وتعبيرك، قلمك ودفترك، عقلك وإيمانك ونظرتك للحياة، مبادؤك ونومك وصحوك وكل ما يخطر لك على بال هو في مرمى أهداف الغول، فكل الأشياء عنده معروضة للشراء، من ذممكم وتاريخكم وأصواتكم وأحلامكم وأقدامكم.

كثيرون من اهتزت أسوارهم وابتلع الغول أحلامهم فطوتهم صفحات النسيان، بعضهم هاجروا من طغيان البشاعة واللعنات فرحلوا إلى أعماقهم وانزووا في أركانها واستكانوا مع سكون الموت محمَّلين بأثقال اليأس والقهر والاحباط.

كثيرون تأهوا بين دروب النفاق والاستزلام فطوتهم الدهاليز المظلمة وتشكلوا مع العطايا والغنائم حتى انتفخت كروشهم وتوسعت أركانهم فلم تعد تتبين وجوهم من قاع أقدامهم.

في الأساطير قيل أن الغول يصنع الخوف يهيؤك للموت البطئ قبل أن يغرزك في الرمال وانت تشق الطريق.

قيل؛ للغول حكاياته التي يجبرك على تصديقها، فهو يعشعش في الدواخل ويستقوي بالضعف مصطنعاً المخاطر يجبر الجميع على الرضا بما هم عليه وأن يتبعوه في كل شاردة وواردة، أن يتمسكوا بثوبه كطفل تائه لا حول له ولا قوة، إذ لا خيار أمامهم غيره هو، وحده هو الذي تغلغل في الجزئيات والأنفاس بالتخويف والتخوين والتهديد والوعيد والتشتيت، اسال نفسك؛ وكرر السؤال قبل أن تخلد إلى النوم كل مساء:

-         هل ابتلعني الغول؟


المنامة – 15 سبتمبر 2018