منى عباس فضل
شاركتُ مؤخراً كمتدربة في ورشة تفاعلية عقدتها جمعية نهضة فتاة
البحرين بمقرها بالمنامة، وهي تدور حول "حل المشكلات بالنماذج الذهنية
والذكاء الصناعي".
نفذ الورشة كل من مدرب الجودة هاني الشيخ، ومدرب التنمية البشرية محمد الأحمدي، وأخذ عمل الورشة مسارين رئيسيين؛ الأول منهما نظري تناول: تحليل سوات SWOT analysis وتحليل هيكل السمكة FISH bone analysis، ونظرية كايزن ومصفوفة الأولويات وتحليل باريتو 20/80، وتطبيق دائرة دمينج PDSA cycle، الذكاء الصناعي من حيث خدماته وعيوبه، أما المسار الثاني فكان تطبيقاً عملياً تم من خلال تشكيل أربع مجموعات تدربت على تطبيق "تحليل سوات SWOT analysis" بتحديد المشكلة وهي "عزوف الشابات عن عضوية الجمعيات النسائية".
استهدف التحليل التعرف على طبيعة نشاط جمعية نهضة فتاة البحرين كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ومشروعها للدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها وتحديد الاستراتيجيات الفعالة وتحسين لعملية صنع القرار، كما استند
تطبيق مجموعات التدريب الأربع في هذا المجال على نفس أداة التحليل للمشكلة التي تعاني منها جمعية
النهضة وهي عزوف الشابات عن العمل في أوساطها على مستوى أربع محددات أساسية تنطلق من عوامل داخلية وعوامل خارجية وجاءت
أبرز نتائجها على النحو التالي:
اتفقت مجموعات العمل على إن جمعية نهضة فتاة البحرين تتوافر على عضوات مخضرمات
ومتفرغات للنشاط التطوعي الحقوقي للمرأة، وإنها تمتع كمؤسسة بالقدرات والريادة والمبادرة والتصميم وبها خبرات متنوعة
في المجال القانوني والأسري والاستشاري وبكفاءة عالية، فضلاً عن المعارف المتراكمة
والانسجام الداخلي والوعي، كما لديها تاريخ من المنجزات وقدرة على التطوير
والابتكار في المشاريع والتميز في البرامج ومنها البحوث والدراسات، كذلك لديها القدرة على التواصل الخارجي وعقد الشراكات المجتمعية ومع المؤسسات فضلاً عن خبرة إدارية قيادية بطاقم
من الموظفات المهنيات، وتتمتع الجمعية بالاستقرار المادي وبثقة من الداعمين لأنشطتها.
الثاني: نقاط الضعف
تعاني الجمعية من الضعف في قدرتها على استقطاب الشابات، وتشتت في الجهود المبذولة إلى جانب تقدم منتسبيها في العمر، فضلاً عن الشعور بالرتابة والتململ، وهناك تغير
في اتجاهات بعض العضوات واهتماماتهن وزيادة الالتزامات عليهن، وضعف المهارات
التقنية لدى بعضهن، إضافة إلى قلة الدعم المادي المستمر للجمعية كما في السابق وضعف المهارات في توظيف
الإعلام، وفي اجتراح الأفكار والبرامج الجديدة.
الثالث: الفرص المتاحة
التنسيق
مع الجهات الرسمية ومع مؤسسات المجتمع المدني، فرص الحضور الخارجي والتشبيك، وفرص
للدعم المتنوع من "موارد بشرية، ودعم مالي"، متغيرات
الظروف المجتمعية، وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المتاحة والذكاء الاصطناعي،
كذلك آلية التشبيك والشراكة وعضوية الاتحاد النسائي البحريني.
الرابع: التهديدات
لخصت المجموعات عناصر التهديد في كل من القوانين المقيدة ومنها "قانون الجمعيات النسائية" والتشريعات وإجراءات وزارة التنمية الاجتماعية، وتقليص صلاحيات مؤسسات المجتمع المدني، الأعراف الاجتماعية والتقاليد والثقافة السائدة وضعف الوعي المجتمعي لنشاط الجمعية وأهمية العمل النسائي في المجتمع، والتنافس غير المتكافئ في الأنشطة بين الجمعية وبعض المؤسسات الرسمية، توقف الدعم المالي وقلة الموارد، عزوف الشابات عن العمل النسائي وعضوية الجمعيات النسائية، وظروف عمل النساء المهني وتعدد أدوارهن ومسؤولياتهن.
في السياق تدربت فرق الورشة الأربع على تطبيق “تحليل هيكل السمكة “Fishbone Diagram أو ما يعرف بمخطط "إيشيكاوا الياباني" وهو بحسب محاضر الورشة أداة تحليلية تستخدم
لتحديد جذور أسباب المشكلات باتجاهات رئيسية وفرعية، وهي تنقسم حسب الشكل المبين
أعلاه، إلى الأسباب التي تتكون من ستة محاور، وإلى نتيجة، بالنسبة إلى المحاور تدربت
المجموعات على تطبيق تحليل "هيكل السمكة" وجاءت أغلب آراء المجموعة المتدربة متشابه تبعاً للمحددات التالية ومن
أبرز نتائجها ما يلي:
1) الوضع الاقتصادي
صعوبة في توفر المواصلات للوصول إلى الجمعية في ظل ازدحام الحركة المرورية في الشوارع، وضعف الإمكانيات المادية التي تدفع الشابات لقضاء وقت أطول في أعمالهن فيما يعاني البعض الآخر من البطالة ومن صعوبة بعض الأعمال التي يعملن بها وظروف بيئتها.
2) الوضع الاجتماعي
الظروف الناشئة من تكوين أسرة وتعدد أدوار المرأة ومسؤولياتها وتأثير علاقات الصداقة والاهتمامات ومواعيد الاجتماعات والأنشطة التي تنفذها الجمعية.
3) الوعي المجتمعي
غياب حس الإيثار والعطاء وضعف الوعي بأهمية نشاط الجمعية للمجتمع فضلاً عن عدم تشجيع البيئة المحيطة.
4) الدعم والتشجيع
ضعف أساليب العمل في الجمعية وقنوات التواصل واتسامها بالتقليدية والرتابة في عملية الجذب للشابات.
5) القيادة والتمثيل
غياب برامج التدريب وخلل في بناء جسر من الثقة الكافية بين جيل العضوات المخضرمات والشابات خصوصاً على مستوى تحميل والمسؤوليات وتنفيذ المهام.
6) التواصل والمشاركة
هناك اختلاف في طرق التفكير وتباين في الاتجاهات والاهتمامات وأساليب العمل بين جيلين.
نوه المحاضر إلى إن أبرز أهداف استخدام مخطط "هيكل السمكة" هو تحليل المشكلات بتحديد أسبابها الجذرية وتحسين جودة العمل، والعمليات من خلال تحديد نقاط الضعف وتحسين الكفاءة، كذلك تحفيز التفكير الإبداعي لتعزيز حلول المشكلات الإبداعية وتوليد أفكار جديدة إلى جانب التحليل السببي بتحديد العوامل التي تساهم في حدوث ظاهرة معينة، أما طريقة الاستخدام فذكر بأنها تتمثل برسم هيكل السمكة على ورقة أو لوحة بيضاء، وكتابة المشكلة في رأس السمكة، وتحديد المحاور والأسباب الرئيسية والفرعية للمشكلة ثم تحليل المعلومات ووضع خطة عمل في كيفية معالجة أسباب المشكلة؛ وهذا ما طبقه الفريق المتدرب في الورشة.
تناول المحاضر في الورشة موضوع "الذكاء الصناعي" باعتباره فرع من علوم الكمبيوتر يركز على إنشاء آلات ذكية قادرة على أداء مهام تتطلب عادة ذكاء بشري؛ وهو يُحاكي القدرات الذهنية البشرية في الآلات، ومن أهم نماذجه؛ ChatGPT وهي أول شركة ذكاء صناعي ظهرت في نوفمبر 2022، و(Poe) وهو موقع فيه عدة تطبيقات للذكاء الصناعي ظهر في مارس 2023، و(Copilot) وهو تابع لشركة ميكروسوفت منذ نوفمبر 2023، و(Gemini) والتابع لشركة جوجل وظهر في ديسمبر 2023، أما أبرز خدمات الذكاء الصناعي للمستخدمين فتتمثل في:
1) الكتابة: كتابة الخطابات
والتقارير والايميلات والمقالات والبحوث والتلخيص.
2) الترجمة: من وإلى جميع اللغات
وكذلك تحويل النص إلى صوت والعكس.
3) صور: تعديل الصور والأفلام
وخلق تصاميم وقراءة الصور وما فيها.
4) تحليل البيانات: ومنها تحليل الأوضاع المالية والصحية.
5) الحل: حل المشكلات واتخاذ القرارات وإنتاج أفكار جديدة.
ودار النقاش بين المحاضرين وبين الفريق المتدرب في الورشة حول هذه النماذج التي يتوفر نسخ منها بالمجان وبشكل محدود وأخرى شاملة ومدفوعة، إلى جانب كيفية استخدام تطبيقاتها والتعرف على سلبياتها وعيوبها؛ من كون بيانات بعضها متوقف حتى 2021، وإنها لا تتمتع بالحيادية أو الانحياز بسبب طبيعة البيانات أو البرمجة، فضلاً عن ظهور الهلوسة الإلكترونية عبر الحصول على إجابات خاطئة بسبب عيوب في البرمجة.
كما أشارا إلى أن الحصول على أفضل النتائج يمكن أن يتم من خلال طلب البيانات بلغة بسيطة واضحة ودقيقة، وإعادة تكرار الطلب مع توضيح أكثر، ومقارنة الإجابات بين عدة نماذج، لأن لكل من هذه التطبيقات إيجابيات وعيوب، وخلص الفريق المتدرب في الورشة إلى تطبيق برمجة "الذكاء الصناعي" على مشكلة الجمعية ومقارنة ما حصل عليه من بيانات بنتائج البيانات التي توصل إليها من استخدام أدة التحليل السابقة ولنفس المشكلة حيث كانت النتائج متقاربة الشبه.
· شكر خاص وتقدير للأستاذين المدربين هاني الشيخ ومحمد الأحمدي على جهودهما في تنفيذ هذه الورشة القيمة والمتميزة، وعلى مشاركتهما لنا مادة العرض التي اقتبست منها بعض الصور والفقرات التوضيحية لتعزيز هذا النص، والشكر موصول إلى القائمات على تنفيذ هذه الفعالية من جمعية نهضة فتاة البحرين.
المنامة – 12 يوليو 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق