الأربعاء، 21 ديسمبر 2022

ملتقى مد الحماية التأمينية للنساء في القطاع غير المنظم

 

كتبت: منى عباس فضل

عقدت جمعية نهضة فتاة البحرين بمقرها في العاصمة المنامة اليوم الثلاثاء الموافق 20 ديسمبر 2022، "ملتقى مد الحماية التأمينية للنساء في القطاع غير المنظم" برعاية من سعادة وزير التنمية الاجتماعية، وقد تناول الملتقى أربع أوراق عمل في جلستين الأولى ورقة نقاشية تتعلق بنتائج الاستبيان المعد لقياس رغبة النساء العاملات في القطاع غير المنظم في الدخول تحت مظلة التأمينات الاجتماعية تناولتها الكاتبة والباحثة الدكتورة منى عباس فضل عضو الجمعية وهي بعنوان "العاملات البحرينيات في القطاع غير المنظم".

 وتناولت الورقة الثانية المحور القانوني بتقديم رؤية قانونية ودراسة مقارنة بين قوانين التأمينات في الدول العربية ومقترحات للتعديلات الممكنة لقوانين الحماية الاجتماعية من قبل السيدة هادية بالحاج يوسف من تونس ومسؤولة التوثيق وتكنولوجيا المعلومات ومنسقة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة من مركز المرأة العربية والبحوث (كوثر)، أما المحور الاجتماعي فتم تقديمه من قبل الأستاذ حسن الحلواجي نائب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بورقة عمل كان عنوانها "الحماية الاجتماعية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم" وتناول المحور الاقتصادي الباحث الاقتصادي الدكتور حسن العالي بورقة بحثية عنوانها "مد التغطية التأمينية للنساء العاملات في المشاريع الخاصة". شارك في الملتقى العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمهتمين بالموضوع كما تخلله مناقشات ومقترحات وتوصيات تستهدف مد الحماية التأمينية للنساء في القطاع غير المنظم، وأدناه ملخص لأوراق العمل المقدمة.   

 



العاملات البحرينيات في القطاع غير المنظم

الدكتورة منى عباس فضل/كاتبة وباحثة

 تتفق دراسات عديدة أنه لا تعريف موحد للقطاع غير المنظم، وإن الأرقام تتضارب حول حجمه وهي شحيحة ولامرئية، وأغلب مؤسسات الإحصاء الرسمية في البلدان العربية لا تعتبره صنفاً احصائياً أثناء التعداد السكاني، وعند مقاربتنا لطبيعة عمل عينة المسح الذي قمنا به على البحرينيات العاملات بهذا القطاع، سنجد تطابقها في جوانب مهمة مع تعريف منظمة العمل الدولية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم الذي يشير "بإنه يمثل جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها العمال والوحدات الاقتصادية، الذين لا تشملهم -في القانون أو في الممارسة الترتيبات النظامية كلياً أو على نحو كاف"، أي أن الصفة التي تميز بها نشاطهن في الاقتصاد غير المنظم؛ هو عدم وجود صفة رسمية تعاقدية له، ولا هوية قانونية، وغير مسجل في التأمين الاجتماعي أو سوق العمل أو وزارة التجارة وغالباً بدون سجل تجاري.

 وقد عرفت المنظمة العمال النظاميين في مؤتمرها عام 2014، بأنهم "العاملون المشتغلون لدى الغير وأصحاب الأعمال الذين يعملون لحسابهم الخاص في الاقتصاد غير المنظم، والعمالة المساهمة من أفراد الأسرة بغض النظر عما إذا كانوا يعملون في منشآت الاقتصاد المنظم أو غير المنظم أو كعمال منزليين، وأعضاء التعاونيات المنتجين غير المنظمين والعاملون المستقلون الذين ينتجون سلعاً للاستخدام النهائي لفائدة الأسر". 

 

تطور القطاع غير المنظم

ومن أبرز عوامل تطور العمل في هذا القطاع كما أوردتها العديد من الدراسات البحثية؛ العولمة واستراتيجيات السوق الحر وآلياتها العمودية التي أضعفت قوانين الحماية وتآكل التشريعات الاجتماعية، والإجراءات المصاحبة لها في إلغاء الدعم وفرض الضرائب، ونقص التشريعات القانونية والمؤسساتية في القطاع غير المنظم وانعدم الحماية والدعم المستدام لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر بسبب المنافسة الأجنبية وغياب القوانين الضريبية المحفزة ومرونة توفير التسهيلات والإجراءات المتعلقة بالقطاع وارتفاع كلفته، إضافة إلى ذلك؛ عبء المتغيرات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الفئات الهشة خصوصاً النساء المعيلات في القطاع ممن يتحملن إعالة أسرهن، ويواجهن ضغوط العمل لتعويض الفجوة بين مستوى مداخيل أسرهن وبين التضخم في أسعار الأسواق وارتفاع التكاليف المعيشة والخدمية التي توفر العيش اللائق لأفراد الأسرة، وإعادة هيكلية القطاع العام وما نتج عنه من خفض للإنفاق العام لاسيما في مجال الحماية الاجتماعية وذلك عبر الإجراءات التي أثرت على الفئات الأكثر هشاشة.

 كما ساهم في ذلك نقص الاستثمارات في المشاريع التنموية التي تنتج وظائف يمكن للنساء المعيلات الاندماج فيها، وضعف خطط برامج التدريب المهني وعدم مؤامتها لمنظومة الواقع الاقتصادي ومتطلبات السوق، وضعف الاقتصاد الرسمي في توليد وظائف بدخل ثابت، إلى جانب خصخصة بعض القطاعات في سوق العمل التي تملكها القطاع الخاص الذي يعتمد على عمالة وافدة بأجور متدنية، وظروف عمل غير لائقة، يضاف إليها عامل المكننة والرقمنة لتقنيات الإنتاج والاتصالات، حيث وفرت تقنيات الاتصال الحديثة هامش من الحرية لترتيب وقت العمل في المنزل، وبالتالي دخول فئات جديدة إلى سوق العمل غير خاضعين لالتزامات الرعاية في التوظيف، إضافة إلى بروز مهن جديدة في سوق العمل عالية التقنية والتخصص وتنامي ظاهرة العامل المستقل لحسابه Freelancce وغير مؤطر قانونياً.

 

عينة عشوائية

استندت الورقة في عرضها على مسح ميداني تم إجراءه على عينة بحثية عشوائية واستجاباتها، وقد تم تصميم الاستبانة من الباحثة بمكتب المرأة المعيلة بجمعية نهضة فتاة البحرين الأستاذة خديجة مسعود، وتفريغ بياناتها في نظام الاكسيل من الإدارية بمكتب المعيلة السيدة أميرة جعفر، فيما عالجت الباحثة مقدمة الورقة العملية الإحصائية بالتحليل الكمي والبياني؛ هذا واستهدفت أداة "الاستبيانة" التعرف على أوضاع العاملات البحرينيات في القطاع غير المنظم، والتحقّق من أكثر سمات القطاع شيوعًا في البحرين. تضمنت الأداة أسئلة مقفلة بخيارات، وأخرى مفتوحة للتعرف على أوضاع عمل العاملات والصعوبات التي تعترضهن، ودراسة ملاحظاتهن واقتراحاتهن في ضوء متغيّرات الدراسة والعلاقات الارتباطية بين متغيرات الاستبانة وهي مكان الإقامة والسكن، الفئة العمرية، المستوى التعليمي، الحالة الاجتماعية وحجم الأسرة، والاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي، فضلاً عن مناقشة الصعوبات والتحديات ومقترحات العينة.

 تشكلت العينة العشوائية التي تم مسحها الكترونياً من استجابات (79) عاملة في القطاع غير المنظم توزعن بعدد (42) من المحافظة الشمالية و(14) من العاصمة و(10) من الجنوبية  و(9) من محافظة المحرق، وتبين أن نسبة (50%) أجبن بأنهن يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن فيما (44%) منهن لا يتحملن هذه المسؤولية، وقد ارتفعت نسبة من يتحملن هذه المسؤولية في المحافظة الشمالية بعدد (23) من أصل (79) مقارنة بعدد (18) من نفس المحافظة ممن لا يتحملن إعالة أسرهن، وفي إجاباتهن عما إذا قمن بالتسجيل في نظام التأمين الاجتماعي، ردت نسبة (79%) منهن بلا فيما أجابت (16%) منهن بنعم، ولم تبين نسبة (5%) منهن طبيعة وضعهن في هذا الجانب، إلى ذلك كشفت البيانات، بأن أعلى نسبة كانت بمقدار (19%) ممن يتحملن مسؤولية إعالة الأسرة لديهن أفراد من (3-4)، ونسبة (16%) منهن بعدد (5-6) فرد، ونسبة (10%) منهن لديهن من (1-2) فرد، و(5%) يتحملن مسؤولية عدد (7 أفراد فأكثر)، فيما كانت نسبة (4%) منهن ليس لديهن أي مسؤولية في إعالة أي فرد، ولم توضح نسبة (46%) طبيعة أوضاعهن في هذا الشأن، ويعزى ذلك ربما إلى محاذيرهن من فقد الإعانات أو الدعم التي يتلقينه من جهات متعددة، أو لأسباب خاصة بهن ولا نعلم بها، كما كشفت البيانات أن أغلب من يتحملن إعالة أفراد الأسرة وعددهن (27) هن من المتزوجات.  

 وبالنسبة للفئة العمرية، تبين أن نسبة (2%) هن من الفئة العمرية الأقل من 20 سنة، و(11%) من فئة (20-29 سنة) فيما ترتفع النسبة إلى (30%) للفئة العمرية من (30-39 سنة) وتبلغ أعلاها بنسبة (34%) للفئة العمرية من (40-49 سنة) و(19%) للفئة من 50 سنة فأكثر، فيما لم توضح نسبة (4%) فئة أعمارهن، ووجد بأن أعلى نسبة ممن أجبن بأنهن لم يسجلن في النظام التأمين الاجتماعي قد كانت بنسبة (68%) منها (21 عاملة) من الفئة العمرية (40-49 سنة)، ومقابل ذلك نسبة (16%) أجبن بنعم.    

 

الحالة الاجتماعية وارتباطاتها

أما عن علاقة الحالة الاجتماعية للعاملات بأسباب عدم التحاقهن بنظام التأمين المرتبط بمشروعهن الحالي، تبين أن أعلى عدد كان في أوساط المتزوجات حيث وجدت (15 منهن) بأن نسبة الاستقطاع الشهري لا تتناسب مع ظروفهن الاقتصادية، و(13 عاملة) وجدت أن الدعم المادي من الجهات الرسمية غير متوفر، فيما كشفت (12) من فئة المتزوجات أنه ليس لديهن أي معرفة بنظام التأمين الاجتماعي، ويعزى ارتفاع العدد هنا إلى ارتفاع عدد المتزوجات من العينة المسحية حيث يمثلن نسبة (71%) فيما تمثل المطلقات نسبة (8%) و(9%) لمن لم يسبق لهن الزواج وتتدني النسبة لجهة الأرامل اللواتي شكلن ثلاث فقط واثنتان مهجورات أحدهما مطلقة، فيما لم تفصح ثلاث منهن عن طبيعة أوضاعهن الاجتماعية، واتضح أن نسبة (62%) من أفراد العينة متزوجات من مواطنين بحرينيين وثلاث منهن فقط متزوجات من غير بحرينيين، ولم تفصح (14 عاملة) عن حالتهن الاجتماعية، وعند سؤالهن عما إذا قمن بالتسجيل في نظام التأمين، أجابت نسبة (46%) من فئة المتزوجات بلا و(9%) من نفس الفئة بنعم، فيما أجابت المطلقات جميعهن وممن لم يسبق لهن الزوج بلا.    

 وبالنسبة للدخل الشهري للعاملات سواء من مشروعهن الخاص أو مما يتلقونه من دعم شهري أو متقطع من الجمعيات والمؤسسات المجتمعية أو من مصادر أخرى، وعلاقة ذلك بحالتهن الاجتماعية، كشفت الاستجابات بأن (84%) أجبن بأنهن لا يتلقين أي دعم شهري علماً بأن أغلبهن من المتزوجات، فيما أجابت نسبة (11%) بنعم، وتم اختبار علاقة مصادر الدخل للعاملات في القطاع غير المنظم بمدى التحاقهن بالتأمين الاجتماعي، فاتضح أن نسبة (59%) لم تحدد استجاباتهن، وأوضحت نسبة (29%) منهن بأن نسبة الاستقطاع الشهري في نظام التأمين الاجتماعي المرتبط بمشروعهن الحالي لا تتناسب مع ظروفهن الاقتصادية، فيما صرحت (24%) بعدم توفر الدعم المادي من الجهات الرسمية، يليها نسبة (19%) ذكرن بأنه ليس لديهن معرفة بنظام التأمين الاجتماعي، وارتفعت نسبة من يستجبن لهذا السؤال حيث بلغن نسبة (28%). وعن طبيعة العمل الذي تزاوله العاملات في القطاع غير المنظم، تبين أن أعلى نسبة منهن (61%) تزاولن عملاً حرفياً، وأغلبهن لم يلتحقن بنظام التأمين وعددهن (12 عاملة) فيما التحقت اثنتان من هذه الفئة، فيما تمارس (18%) منهن أنشطة بيع وشراء، وأجابت أغلبهن بعدد (39) بأنهن لم يلتحقن بنظام التأمين و(8) منهن التحقن به، وهناك (9%) منهن فقط يقمن بأنشطة خدمية وأربع منهن غير ملتحقات بالتأمين فيما ثلاث منهن التحقن به، ولم تبين نسبة (12%) أي استجابة في هذا الجانب.

 

تحديات وتوصيات

وخلصت عينة المسح إلى تحديد ماهية الصعوبات والتحديات التي يوجهنها وقدمن ما يقارب (18 مقترحاً) تم تحصيلها من استجابتهن للأسئلة المفتوحة والتي تضمنت في عرض سبع توصيات خلصت إليها الورقة البحثية وهي تشمل اصلاح وتطوير تشريعات الحماية الاجتماعية وتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية لتشملهن، وإدراج العمل غير المنظم ضمن الخطط والسياسات الوطنية والتشريعات القانونية، ومراجعة التشريعات المالية المتعلقة الاستفادة من دعم وتمويل الشبكات التنموية والإنسانية لهذه الفئة، والحد من العبء الضريبي عليهن، وإعفاءهن من رسوم استئجار مساحة العرض أو التدريب وغيرها، لتخفيف ارتفاع التكاليف عليهن، فضلاً عن إنشاء قاعدة بيانات إحصائية عن النساء العاملات في القطاع غير المنظم، والاستمرار في تقديم المساعدات العينية واللوجستية عبر منصات التواصل الاجتماعي أو أي آليات إلكترونية وربطهم عبر (شبكة) للحفاظ على مصادر التمويل والدفع بعملية التسويق لهن، تقديم برامج توعية وتوجيه تستهدف العاملات بالقطاع بحسب المهنة.

 


المحور القانوني

قراءة قانونية للقوانين والتشريعات التأمينية في الدول العربية

أ.هادية بالحاج يوسف/مسؤولة التوثيق وتكنولوجيا المعلومات

ومنسقة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة من مركز المرأة العربية والبحوث (كوثر)

استعرضت الباحثة التونسية هادية بالحاج يوسف من كوثر قراءة قانونية للقوانين والتشريعات التأمينية في الدول العربية بالتركيز على أهم الاتفاقيات الدولية  كإعلان فيلادلفيا لعام 1944 حول تحرير العامل من الخوف والعوَزْ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية رقم (102) لمنظّمة العمل الدوليّة التي اقترحت نمطاً من الضمان الاجتماعي يشكّل الحد الأدنى من ضمانات الرعاية الصحية، تعويضات المرض، البطالة، الشيخوخة، طوارئ العمل، التقديمات العائلية، الأمومة، العجز والوفاة " كذلك الاتفاقيات العربية (رقم 1) عام 1966 ورقم (6) عام 1976 ( مقتضيات في مجال العمل وضرورة إصدار نصوص تشريعية تتعلّق بالتأمينات الاجتماعية) ورقم (3)  عام 1971 (الشروط الدنيا في التأمينات الاجتماعية ) ورقم (24) سنة 1981 المتعلّقة بحقوق العامل العربي للاستفادة من التأمينات الاجتماعية عند تنقّله في البلدان العربية بداعي العمل، مشيرة إلى صدور أنظمة متعلّقة بالتقاعد والمعاشات  وضمان المرض وحوادث الشغل منذ الخمسينيات.

 

تطور أنظمة الضمان الاجتماعي

في السياق أشارت الباحثة إلى تعثر برامج التأمين الاجتماعي في السبعينات والثمانينات بسبب الركود الاقتصادي: البطالة وضعف مصادر التمويل، وضعف الأداء الإداري والتقني لأنظمة الضمان الاجتماعي وانعكاس ذلك سلباً بزيادة الأعباء المالية، واختلف الأمر في التسعينات حيث شهدت أنظمة التأمينات والضمانات الاجتماعية العربية تطوُّراً ملحوظاً وتوسُّعاً في مصادر التمويل لا سيَّما في السعودية والكويت والأردن، كما أدرجت الحكومات العربية التأمينات الاجتماعية في سُلَّم أولويّاتها، كما تطرقت إلى نظام التأمينات الاجتماعية في مجموعة من البلدان العربية منها السعودية،  البحرين، والعراق، الأردن والكويت وفي لبنان وعُمان سوريا مصر وتونس، المغرب.

 ولأهمية البيانات الرقمية تحدثت عن بعضها حيث يخصص (2.5%) من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية باستثناء الصحة، وهذا يتباين بشكل كبير بين بلد وآخر، وذكرت إن أقل من ثلث القوى العاملة في الدول العربية يشتركون في الضمان الاجتماعي، وإن الأردن والسعودية يوفر أعلى معدلات التغطية لنظام التقاعد في المنطقة بنسبة (51 بالمئة)، وإن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تسجل معدلات تغطية أقل بكثير بسبب ارتفاع عدد العمال الأجانب، ومعظمهم من جنوب وجنوب شرق آسيا، وهم لا يحصلون على الضمان الاجتماعي.

 

النساء أقل تغطية من الرجال

ونوهت إلى إنه غالباً ما تكون معدلات تغطية النساء أقل من نصف معدلات تغطية الرجال، وحتى أدنى من ذلك بين الشابات، حيث يبلغ معدل مشاركتهن في القوى العاملة (13.5 بالمئة) فقط، بينما تبلغ نسبة البطالة بين الشابات (49 بالمئة) كما يحصل (27 بالمئة) فقط من كبار السن في المنطقة على معاشات الشيخوخة، وإن متوسط التغطية القانونية في أنظمة التقاعد في الدول العربية يبلغ قرابة (46 بالمئة)، بينما نسبة تغطية النساء (34.8 بالمئة) فقط. مشيرة إلى إن الأردن هو البلد العربي الوحيد الذي صادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية (رقم 102) لعام 1952 بشأن الضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا)، وذلك في شباط/فبراير 2014، بينما معظم البلدان العربية، باستثناء الأردن، ليس لديها برامج ضمان للأمومة، ويقع عبء دفع رواتب إجازة الأمومة على عاتق صاحب العمل، وإنه يوجد في البحرين والكويت والأردن والسعودية برامج ضمان لبطالة عمال القطاع الخاص، وإن عمان والإمارات العربية المتحدة في طريقهما إلى اعتماد مثل هذه البرامج.

 وخلصت إلى إنه برغم من أن معظم بلدان المنطقة أنشأت برامج ومؤسسات للضمان الاجتماعي إلا إن لتغطية الفعالة للضمان الاجتماعي لا تزال بعيدة المنال؛ فمعظمها برامج التأمين الاجتماعي لا تغطي سوى العاملين في القطاعين العام والخاص بعقود منتظمة، في حين تستثنى فئات أخرى من التغطية، مثل العاملين في الاقتصاد غير المنظم وهو قطاع ضخم. ويتمتع العاملون في القطاع العام عموماً بمزايا ضمان اجتماعي أكبر من نظرائهم في القطاع الخاص، وهذا يشكل تهديداً للاستدامة المالية لأنظمة الضمان الاجتماعي في العديد من بلدان المنطقة، ويمثل عائقاً أمام حركية سوق العمل.

 كما أن المعدلات المرتفعة نسبياً للعمل غير المنظم، وانخفاض مشاركة الإناث في سوق العمل، وارتفاع مستويات البطالة تسهم في عدم كفاية معدلات تغطية الضمان الاجتماعي، ولا سيما للنساء لقد طبقت بلدان عدة تدابير لمواءمة أنظمة الحماية الاجتماعية مع الواقع المتغير في عالم العمل، من خلال تبني منافع تأمين الأمومة والبطالة على سبيل المثال، وكذلك توسيع نطاق التغطية لفئات معينة من العاملين لحسابهم. ومع ذلك، فإن تلك التدابير لم تمض بما فيه الكفاية لضمان تغطية شاملة ومستويات كافية من المنافع. وتميل برامج الضمان الاجتماعي إلى التركيز على توفير المعاشات التقاعدية ولا تغطي المخاطر الأخرى كالبطالة أو الأمومة أو المرض، أو تغطيها تغطية جزئية فقط. مشيرة إلى تأثير عدم الاستقرار السياسي المستمر وتأثير النزوح الداخلي، وأزمات الصراع، والأزمات الصحية جائحة كوفيد-19 التي شكلت ضغطاً كبيراً على أنظمة المساعدة الاجتماعية والضمان الاجتماعي.

 

ما يمكن للبلدان فعله

وتساءلت في الختام عما يمكن للبلدان فعله، وهو مواصلة البلدان تنفيذ الإصلاحات وإيلاء الاهتمام لـ "الوسط المفقود"، أي أولئك الذين لا يعتبرون فقراء بالدرجة الكافية للاستفادة من برامج المساعدة القائمة على الاستهداف والذين غالباً ما يقصيهم نظام التأمين الاجتماعي خصوصاً العمال غير النظاميين والعاملين في القطاع الزراعي وأصحاب المهن الحرة (مثل المحامين والأطباء والمتعاقدين المستقلين) والعاطلون عن العمل والشباب خارج دائرة العمالة والتعليم والتدريب والنسبة الكبيرة منهم هن من النساء.

 

إلى جانب ذلك إيجاد السبل إلى سد الثغرات وإعمال الحق في الحماية الاجتماعية للجميع، وأن تشتمل مسارات العمل على إعمال حقوق الإنسان إرساء وإنفاذ الحدود الدنيا للحماية الاجتماعية وتوفير الرعاية الصحية وتأمين الدخل الأساسي للجميع، واعتماد نهج شامل يتضمن برامج تستهدف الأفراد في جميع مراحل حياتهم وتستجيب للاحتياجات الفردية من الولادة وللشيخوخة، فضلاً عن ابتكار سُبل لإلحاق العمال غير النظاميين والمستبعدين من نُظُم الحماية الاجتماعية القائمة وغير القائمة على الاشتراكات، إيلاء الأولوية للتمويل المستدام لنُظُم الحماية الاجتماعية.

 


المحور الاجتماعي

الحماية الاجتماعية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم

الأستاذ حسن الحلواجي/نائب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين

 تناول في مقدمته النقاشات المتعلقة بالسياسات الإنمائية التي أطلقتها منظمة العمل الدولية حول مفهوم القطاع غير المنظم والتي نشرت في تقرير عام 1972، حيث لعب هذا التقرير دوراً مهماً في تحليل وضع العمالة وتحديات التنمية في البلدان النامية، منوهاً إلى الدور الريادي الذي لعبته في تحليل المشاكل المفاهيمية والاجتماعية والاقتصادية الأساسية المتعلقة بهذا الاقتصاد، ومشددة على معالجة مأزق هذا القطاع من خلال استراتيجية شاملة.

 وتطرق إلى مفهوم الحماية الاجتماعية؛ من كونها حق من حقوق الإنسان، تضمن للجميع الحصول على الرعاية الصحية وتأمين الدخل وتمدّ الأسرة بالمعونة اللازمة عندما تكون مريضاً أو عاطلاً عن العمل أو مصاباً أو عندما تكون المرأة حاملاً وتقدم الدعم لأسرتك إذا أصابك مكروه والأهم أنها تؤمن لك راحة البال وتمنحك الأمل بمستقبل آمن عند الشيخوخة. وهي تتكون بحسب الخبير د. سامي نجيب من السياسيات والبرامج الرامية إلى الحد من الفقر والضعف من خلال تعزيز كفاءة أسواق العمل مما يقلل من تعرض الناس للمخاطر ويعزز قدرتهم على إدارة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية مثل البطالة والإقصاء والمرض والعجز والشيخوخة.   

 ورأى أن الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة يشدد في الإجراءات ذات الصلة على وضع منظومات الحماية الاجتماعية وتطبيقها وتحقيق التغطية الأساسية للفقراء والمستضعفين بحلول عام 2030، وإنه وبرغم من الاتجاه العام إلـى توسـيع نطـاق الحمايـة الاجتماعية وإصلاح منظوماتهـا فـي عـدد مـن الـدول، إلا أن أزمـة الاستقرار السياسـي ناهيـك عـن الترشـيد المالي وبـروز أشـكال جديـدة مـن العمالـة، أصبح يحد من فعاليـة منظومـات الحمايـة الاجتماعية. وأشار إلى إن (20%) فقـط مـن سـكان العالـم لديهـم تغطيـة كافيـة للضمـان الاجتماعي بينمـا أكثـر مـن النصـف يفتقـرون إلـى أي تغطيـة علـى الإطلاق، لهـذا السـبب لا يـزال يعتبـر دور منظمـة العمـل الدوليـة التـي أنشـئت عـام 1919 هامـاً، وفـي عالـم يعتمد أساليب العمل المؤتمتـة بصـورة متزايدة وتتـآكل بـه العلاقـات بيـن الموظفيـن وأصحـاب العمـل، يكـون دور القيـم المعتمدة فـي معاييـر العمـل لمنظمـة العمـل الدوليـة ضـروري أكثـر مـن أي وقـت مضـى.

 

التأمين الاجتماعي

أما التأمين الاجتماعي؛ فهو حق يجب على كافة المجتمعات توفيره للقوى العاملة في كافة قطاعات العمل المنظم وغير المنظم كحق أساسي وأصيل لكل مواطن ولكل فرد في المجتمع لكونه إنسانا، وفي هذا الشأن يجب توفير الحماية الاجتماعية كحق يتعين تقريره دون ربط ذلك بالاعتبارات التمويلية والإدارية للفرد، وتعتبر الدولة كممثلة للمجتمع هي المصدر الذي يحقق التوازن بين المزايا الأساسية لضمان الحد الأدنى لنفقات المعيشة وبين الموارد التي يمكن تدبيرها من المؤمن عليهم.

 وبالنسبة لمظلة الضمان الاجتماعي فهي في معظم الدول تشمل العاملين فقط بعقود نظامية والعمال المؤقتين والعرضيين والعمال الزراعيين والعاملين في القطاعين العام والخاص وتستثني عموماً في الخدمة المنزلية والعاملين في الاقتصاد غير المنظم والعمال المهاجرين وإلى حد كبير العاملين لحسابهم الخاص. ويطلق الاقتصاد غير المنظم أو غير الرسمي أو الاقتصاد الخفي على كل الأنشطة الاقتصادية التي تمارس أو تزاول دون تصريح رسمي ولا تخضع للضرائب ولا تراقب من قبل الحكومة ولا تدخل ضمن الناتج القومي الإجمالي، خلافاُ للاقتصاد الرسمي أو المنظم. ويتألف القطاع غير المنظم من وحدات اقتصادية، بغض النظر عن وضعها ونوع نشاطها، تقوم بإنتاج السلع والخدمات الموجهة للسوق وليس لها معرف جبائي ولكن ليس لديها محاسبة ملزمة بإيداعها سنوياً لدى المصالح الجبائية.

 

نمو القطاع غير المنظم

وفي محور مهم من ورقته، تناول الأسباب التي أدت إلى تنامي القطاع غير المنظم، بحسب الدراسات البحثية لمنظمة العمل الدولية، تبني سياسات اقتصادية اجتماعية غير ملائمة أو غير فعالة، والافتقار إلى الإدارة السديدة للتنفيذ السليم للسياسات والقوانين، وسياسات التكيف الهيكلي وإعادة الهيكلية الاقتصادية والخصخصة، إضافة إلى تبني اقتصاديات غير قادرة على استحداث أعداد كافية من الوظائف الجديدة، وانتقال معظم السياسيات من نظام الرعاية إلى نظام الجباية، كذلك افتقار الوظائف المعروضة إلى عناصر العمل اللائق، واعتماد اقتصاد القطاع غير المنظم على إنتاجية الاقتصاد غير المنظم وغياب التشاور أو الحوار الثلاثي والاستفراد بالقرار، وإساءة توجيه أو تنفيذ أو تطبيق السياسيات الاقتصادية وغياب الشفافية.

 وطرح سؤلاً مهماً؛ لماذا يستثنى الاقتصاد غير المنظم من الحماية؟ لخص الأمر في الأسباب التالية منها؛ غياب العلاقة الطبيعية بين العامل ورب العمل، عدم استقرار الناتج المتوقع والأرباح، عدم تغطيتهم بقوانين العمل المنظمة (ساعات العمل، إصابات)، وعدم وجود سجلات تجارية أو مهنية أو أي نوع من أنواع الهوية المهنية، وعدم القدرة المالية في المساهمة في أنظمة الحماية.

 

توفير الحماية الاجتماعية

أما السؤال الكبيرة فهو حول كيفية توفير الحماية الاجتماعية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم، بحسب النظام الأساسي لمؤتمر العمل الدولي، يمكن ذلك على مستويين هما؛ البيئة التنظيمية على المستوى الدولي حيث تشكل صكوك منظمة العمل الدولي أحد المصادر الرئيسية وهي ترتكز على معايير العمل الدولية في العمل اللائق والتشديد على تطبيق المبادئ والحقوق الأساسية في العمل والتي تتضمنها ثماني اتفاقيات تتعلق بالحرية النقابية 1948 (رقم 89)، وحق التنظيم والمفاوضة الجماعية 1949 (رقم 98)، واتفاقية إلغاء العمل الجبري، 1959 (رقم 105)، والقضاء على عمل الأطفال 1983 (رقم 138)، واتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال، 1999 (رقم 182)، القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة: اتفاقية المساواة في الأجور 1951 (رقم 100)، القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، اتفاقية التمييز 1985 (رقم 111)، إضافة إلى اعتماد عناصر العمل اللائق من حيث فرص عمل مناسبة وتوافر أجور عادلة، وبيئة عمل آمنة، وتحقيق الإدماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص.

 أما العنصر الثاني فهو يتعلق بتطوير البيئة التنظيمية على الصعيد الوطني، من حيث تطوير التشريعات الوطنية على أن تكون قادرة على نقل أكبر عدد من عمال الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم، حيث سجلت بعض البلدان تقدماً ملحوظاً إلا أنه ليس بالدرجة المطلوبة، كما أظهرت تقارير وبيانات منظمة العمل الدولية زيادة تنامي الاقتصاد غير المنظم عالمياً بسبب زيادة أعداد اللاجئين والمهاجرين وغياب الاستقرار السياسي وانتهاج الترشيد المالي وبـروز أشـكال جديـدة مـن العمالـة والانتقال السريع للرقمنة.

 ورأى أن الحكومات تحتـاج إلـى طـرق مبتكـرة مـن أجـل تأميـن الحمايـة الاجتماعية التـي تتكيـف مـع اعتبـار سياسـات الحمايـة الاجتماعية أداة أساسـية لحاجـات العمـال وأفـراد عائلتهـم فـي سـياق اقتصادي متغير، ومن أجل تنفيـذ سياسات إعـادة التوزيـع، والسعي إلى الدمج وتحقيق التماسك الاجتماعي والعدالة الاجتماعية. وعليه يجب أن تشكل الحماية الاجتماعية آليـة ضروريـة من أجل استفادة المجتمـع ككل وليـس فقـط قلة قليلـة مـن التطـورات الجديـدة الحاصلـة فـي عالـم العمـل.

 

الاقتراحات والحلول

من أبرز المقترحات والحلول التي ناقشها؛

 

أولاً باستعادة فكرة الصناديق التعاونية وهي تعتبر شكلاً من أشكال الحماية الاجتماعية، فوفقاً لتقرير الأمم المتحدة تمتد عدد عضوية التعاونيات حول العالم إلى حوالي 800 مليون تعاوني، منها 350 مليون تعاوني في قارة أسيا، و40% من الكنديين أعضاء بمنظمات تعاونية، وفي ألمانيا هناك 20 مليون، وفي فنلندا 62% من السكان أعضاء وفي اليابان ثلث اليابانيين أسر تعاونية وفي الولايات المتحدة 25% من المواطنين تعاونيين وفي الهند أكثر من 239 مليون مواطن أعضاء تعاونيات، وفي الدانمارك تسيطر التعاونيات على 75% من الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع غير المنظم وعلى 37% من أسواق الاستهلاك، وفي الكويت 70% من تجارة التجزئة.

 وثانيا: أرباح الشركات الكبرى، وهو على شكل من أشكال المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها الشركات بتخصيص جزء من أرباحها لتوفير الحماية الاجتماعية لفئات معينة من المجتمع، ويطلق عليها المانحين الاجتماعين، وعادة تكون هذه التزامات على شكل هبات، تدريب دعم الطلبة للعلاج للمعاقين لكبار السن للأسر المتعففة. وثالثاً؛ تخصيص جزء من الدخل القومي، بإنشاء صناديق ائتمانية، صناديق للكوارث، صناديق للمعونات. ورابعاً: تخصيص جزء من أموال الضرائب لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتطوير وبناء القدرات، وتقديم كل اشكال المعونات

  

المحور الاقتصادي

ورقة حول مد التغطية التأمينية للنساء العاملات في المشاريع الخاصة

الدكتور حسن العالي/باحث اقتصادي

 ناقشت الورقة ثلاث محاور أساسية؛ أولها حول ماهية الاقتصاد غير المنظم وحجمه في العالم، وعرفه بأنه الاقتصاد غير المنظم لكل النشاطات الاقتصادية التي تحدث خارج مجال الاقتصاد الرسمي وأنشطته لا تقع تحت إشراف ورقابة الدولة ولا تدخل ضمن الناتج القومي الإجمالي، فهم لا يتمتعون بالأمن الوظيفي، وأمن العمل، والضمان الاجتماعي أو أي منها، مشيراً إلى إن صندوق النقد الدولي قدر متوسط حجمه في 158 دولة من 1991 إلى 2018 بحوالي (31.9 في المائة) من الناتج المحلي الاجمالي، كان أكبرها في زيمبابوي بنسبة 60.6 في المائة من الناتج، وفي بوليفيا بنسبة 62.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأقلها في النمسا بنسبة 8.9 في المائة وفي سويسرا 7.2 في المائة من الناتج.

 أما في الوطن العربي فهو يشكل ركيزة أساسية من حجم الاقتصاد الكلي على مستوى الناتج المحلي والقوى العاملة، وبرغم اختلاف التقديرات حول حجمه في أغلب الدول العربية، إلا أن إحصاءات البنك الدولي وصندوق النقد العربي تشير بأنه يشكل في الدول العربية ما بين 50-55% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه ما بين 15-70% من حجم القوى العاملة، منها نحو 50% نساء، وإن حجمه في الزراعة وصل إلى 39% وفي التجارة 23% والخدمات الأخرى 21% وفي الصناعة شكل 17%.

 

تأثير جائحة كوفيد-19

وتحدث عن تأثير جائحة كوفيد-19 وسياسة الإغلاق الكلي أو الجزئي التي أدت إلى تحديات مركبة من بطالة وفقر قبل كورونا لما هو أسوأ وهي تزداداً تعقيدا نتيجة ضعف شبكة الأمان الاجتماعي في الاقتصاد غير الرسمي (بدل التعطل، مساعدات قليلة..). وذكر أوجه معاناة النساء العاملات بأجور منخفضة أو في العمالة غير النظامية أو في القطاع غير الرسمي، حيث لا تتاح لهن إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية أو يحصلن عليها بشكل محدود. كما أنهن يمثلن أعلى نسبة في الصناعات التي تضررت من فيروس كورونا، كأعمال الضيافة والتصنيع والبيع بالتجزئة والأعمال التجارية الترفيهية.

 والمحور الثاني، كان عن العاملات في الاقتصاد غير المنظم ممن يشتغلن في المشاريع الخاصة في البحرين، مشيراً إلى أول ملاحظة يستوجب تسجيلها هو غياب الاعتراف بوجود ظاهرة الاقتصاد غير المنظم في البحرين، حيث لا يتم تداول مصطلح الاقتصاد غير المنظم في الوثائق الرسمية برغم من تضخم هذا القطاع وبالذات بعد برنامج التقاعد المبكر الذي طال نحو 9 الاف موظف وموظفة وتزايد ظاهرة العمل الحر، ثم مجيء جائحة كورونا وغيرها من الأمور، ويعد غياب الاعتراف به أمر خطير للغاية، كون ذلك يعني عدم وجود توجه رسمي لوضع خطط أو تشريعات أو معالجات للتعامل معه كظاهرة، ومن نتائج ذلك غياب الاحصائيات والمعلومات التي تساعد على تحديد حجم الظاهرة -أي حجم العاملات بالقطاع غير المنظم في البحرين- كمدخل للمعالجات والحلول.

 

بيانات رقمية

وتناول بعض البيانات عن عدد الإناث البحرينيات ممن هم وفق سنة ال 15 سنة 245 ألف منهم 105 ألف في سوق العمل بنسبة 34% من المجموع والبقية 140 ألف أو 66% خارج سوق العمل أما طالبات (47 ألف) أو ربات بيوت (78 ألف) أو متقاعدات (نحو 10 ألاف). كما إن هناك من بين (105 ألف) من النساء في السوق عمل (96 ألف) يعملن و(9 الاف) لا يعملن أي أن نسبة البطالة بينهن بحو (9%)، في حين تبلغ نسبة وجود المرأة في سوق العمل 41% من مجموع البحرينيين في سوق العمل، كما ميز بين ثلاث فئات من العمالة الوطنية من الإناث في الاقتصاد غير المنظم بالبحرين وفقا للتعريف الذي قدمه، وإن ما يجمع هؤلاء الفئات لجهة إدراجهن تحت الاقتصاد غير المنظم هو أما، عدم تمتعهن بمظلة التأمين الاجتماعي والصحي أو الرواتب والدخل من مصادر معروفة أو خضوعهن لقانون العمل في البحرين.

العاملات لحسابهن الخاص

يأتي على قمة هذه الفئات؛ العاملات لحسابهن الخاص، فوفقاً لإحصائيات عام 2020 بلغ عدد العاملات لحسابهن الخاص نحو (13 ألف و666 بحرينية)، ويرى بأن سبب عزوفهن عن التأمين هو مسألة تسديد الاشتراكات كاملة كصاحبات عمل وكعاملات من الدخل الذي يحددونه لدى التأمينات، علماً بإن المسجلين لدى التأمينات الاجتماعية العاملين لحسابهم الخاص يمثلون 546 شخص (إناث وذكور) فقط من (24 ألف و241 شخص) يعملون لحسابهم الخاص أي بنسبة (2.2%) فقط من قاموا بالتأمين الاختياري على أنفسهم.

 

ومنه خلص إلى إن جميع النساء (13 ألف و666) اللاتي يعملن لحسابهن الخاص تقريبا هم جزء من الاقتصاد غير المنظم، كما يعتقد إن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير بسبب زيادة البطالة بين الشباب والشابات اللواتي بحسب وزارة العمل إن ثلثي العاطلين في البحرين البالغين (6 آلاف عاطل هم من الإناث)، وغالباً ما يلجئون إلى ممارسة أعمال بسيطة أو متوسطة لحسابهم الخاص، ونوه إلى انتشار ممارسة الأعمال الحرفية والمنزلية والتجارة بأنواعها والترويج لها عبر الفيسبوك والانستغرام وغيرها، مشيراً إلى إن وزارة التجارة والزراعة أصدرت قرار بمطالبة أصحاب البيع عبر وسائل الانترنت والتواصل الاجتماعي بالتسجيل لديها باستخدام السجلات الافتراضية، وقد أثار هذا القرار مقاومة كبيرة وجدل بسبب الرسوم المفروضة التي تبلغ نحو 178 دينار سنوياً، وإن بعض البائعين عبر الانترنت مسجلين لدى وزارة العمل كعاطلين ويستلمون اعانات التعطل، ما يعني إنهم سيفقدون الاعانة في حال إصدارهم سجل تجاري، وقد تم تسوية الموضوع بإعطائهم خيار التسجيل لدى وزارة التجارة أو التسجيل لدى وزارة العمل كأسر منتجة، وإلى الآن غير واضح حجم الاستجابة لهذا القرار، وكذلك  أصدرت البلدية قراراً للبائعين الجائلين بالتسجيل لديها وإصدار ترخيص، ويلاحظ إن في كلتا الحالتين أن اهتمام الجهات المعنية انصب على تنظيم النشاطات عبر إصدار تراخيص بالعمل وتحقيق عائد مالي دون توفير حماية لها وللفئات العاملة فيها ودمجها في الاقتصاد المنظم.

 

صاحبات العمل

أما الفئة الثانية فهي صاحبات العمل، فهناك (11 الف و198)  صاحبة عمل من مجموع (23 ألف و731) ويمثلن (47%)، وهذه أرقام متواضعة مقارنة بعدد النساء اللاتي يمتلكن سجلات تجارية التي حسب المجلس الأعلى للمرأة أن هن صاحبات (49%) من السجلات النشطة أي نحو (40 ألف سجل)، وينوه إلى إن الفرق قد يعود لتعدد السجلات التجارية الصادرة باسم فرد واحد، وباسم "ربة البيت أو الزوجة أو البنات أو الأبناء البالغين...إلخ"، وينطبق نفس الكلام على هذه الفئة فيما يخص الحماية تحت مظلة التأمينات الاجتماعية، علماً بأن عدد أصحاب وصاحبات العمل  المسجلين في التأمينات الاجتماعية بلغوا (1,826) من الإناث والذكور هم يمثلون نسبة (7.7%) من المجموع  فقط ممن قاموا بالتأمين الاختياري على أنفسهم، وبالتالي يمكن القول إن جميع النساء (11 ألف) اللاتي يعملن كصاحبات أعمال تقريباَ هن جزء من الاقتصاد غير المنظم، كما قدرت رئيسة جمعية سيدات الأعمال أن أكثر من (90%) منهن تضررن بشدة من أزمة الجائحة ولحقت ‏بهن خسائر كبيرة.

 

الأسر المنتجة

والفئة الثالثة التي تناولها هي الأسر المنتجة؛ فحسب بيانات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هناك (988) مشروعا عام 2018، وقد سعت البحرين لإضفاء الوضع القانوني على هذا المشروع  عبر قرار مجلس الوزراء (رقم 39) لسنة 2010 بشأن تنظيم مزاولة النشاط الإنتاجي المنزل المنتج من خلال توفير مبانٍ ومنشآت ثابتة بتوفير وحدات منتجة ليكون مركزاً للأسر المنتجة في كل محافظة ويحتفظ بقيد لدى وزارة العمل يسجل فيه بيانات كافة هذه الأسر، ويعد هذا القيد بمثابة فتح السجل التجاري لهذه الأسر، كما لا يشترط القانون قيامهم بالاشتراك في نظام التأمينات الاجتماعية حالهم حال أصحاب الأعمال والعاملين لحسابهم وأصحاب المهن والحرف.

أما المحور الثالث فتطرق إلى مد المطلة التأمينية للعاملات في المشاريع الخاصة، كونها جزء من مفهوم "الضمان الاجتماعي" ومفهوم "الحماية الاجتماعية"، والتي تشمل كافة التدابير التي تقدم إعانات سواء موجهة للجميع أو لفئات محددة، سواء نقداً أو عيناً، على سبيل المثال؛ نقص الدخل المرتبط بالعمل أو عدم كفاية الدخل الناتج عن المرض أو العجز أو الأمومة أو إصابة العمل أو البطالة أو الشيخوخة أو وفاة أحد أفراد الأسرة؛ وعدم قدرة الحصول على رعاية صحية، وعدم كفاية الدعم الأسري، والفقر العام والتهميش الاجتماعي.

 وأشار إلى إن البحرين تقدم أشكال متعددة منها مثل "التأمين الاجتماعي والخدمات الصحية المجانية والإعانات مقابل البطالة والغلاء وذوي الإعاقة والأسر المنتجة وعلاوة السكن ودعم رواتب البحرينيين وغيرها"، وإن قانون التأمين الاجتماعي لسنة 76 وتعديلاته يغطى عدة فروع التأمينات، كما صدر القرار رقم 39 لسنة 2014 بتطبيق فرع التأمين على المشتغلين لحسابهم الخاص واصحاب المهن الحرة وفرع التأمين على اصحاب العمل، وهناك شروط لانتفاع المؤمن عليه طبقا لأحكام هذا القرار كما يؤدي المؤمن عليهم اشتراكات وقد لاحظ  إن عدد العاملات لحسابهن الخاص اللاتي يقعن تحت المظلة التأمينية (2.2%) وصاحبات الأعمال (7.7%)  -أي أن الغالبية منهن- غير مشمولات بالتغطية التأمينية، هذا إلى جانب الأسر المنتجة، مع الإشارة إلى إن هذه الأرقام تقريبية وقد لا تعكس الواقع الحقيقي، ويشير إلى إن معظم الدراسات والمسوحات الدولية تجد إن العاملين والعاملات في المشاريع الخاصة يعطون الأولوية في انفاق إيراداتهم على الحاجيات المعيشية من سكن وطعام وتعليم وصحة لهم ولعوائلهم، -أي إن السعي  لتوفير غطاء تأميني لهم- ليس على جدول أولوياتهم، وتوقع إن نفس الحالة تنطبق على العاملات لحسابهن الخاص في البحرين.

 

تجارب الدول

وبخصوص تجارب الدول كجنوب أفريقيا وبنغلاديش والصين وشيلي وبلدان نامية أخرى وبلجيكا وكوستاريكا وكوريا ولوكسمبورغ ورواندا والبرازيل وكندا وتشيلي وإيطاليا ونيوزيلندا، ووجد إن بعضها لجأ إلى تأمين التقاعد للعاملين في مشاريع صغيرة إلى تصميم برامج تؤمن الحد الأدنى من الدخل لهم دون الطلب منهم تقديم المساهمات، وإنما يتم تمويله من المالية العامة، ولكنها تتطلب توفر شروط معينة أهمها عدم توفر مصدر دخل أخر للمتقاعد، كما استعرض باختصار تجربة مصر في مد التغطية التأمينية للعمال على حسابهم الخاص والتي صدر بشأنها القانون رقم 148 لسنة 2019، حيث نصت المادة (2) منه أنه يشمل أربع فئات، هي أولا العاملين لدى الغير وثانيا أصحاب الأعمال وثالثا العاملين المصريين في الخارج ورابعا العمالة غير المنتظمة، فضلاَ عن نص المادة (19) الفقرة (2) أنه بالنسبة لهذه الفئات يلتزم المؤمن عليه بتسديد حصة (9%) شهرياً والخزانة العامة للدولة بنسبة (12%) لكي يضمن حصوله على كافة المزايا التأمينية.

 وخلص إلى إن المعالجات انطلقت من خصوصيات هذه المجتمعات وخصوصيات العاملين في مشاريعهم الخاصة سواء من حيث التعريف أو الفئات أو الخصائص أو التوزيع العمري والقطاعي والجنسي وأيضا في ظل التشريعات المعمول بها حاليا، واقترح في ختام ورقته بأن تشكيل لجنة من وزارة العمل ووزارة التنمية والهيئة العامة للتأمينات وتمكين والاتحاد العام لنقابات العمل والاتحاد النسائي البحريني للقيام أولاً بدراسة مسحية للعاملين في مشاريعهم الخاصة ولحسابهم الخاص وحجم العمالة غير النظامية فيها وأسباب ذلك تخرج بخطة لإعادة النظر في الأنظمة المعمول بها حاليا لمد التغطية التأمينية لهم مستفيدة من التجارب العالمية في هذا المجال وذلك وفقا لكل قطاع على حده.

 المنامة- 20 ديسمبر 2022


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق