الجمعة، 27 يوليو 2018

قانون أحكام الأسرة الموحد في البحرين


المصدر: مركز الخليج لدراسات التنمية
https://gulfpolicies.org/index.php?option=com_content&view=article&id=2713&Itemid=634
في إصداره "الثابت والمتحول 2018":
منى عباس فضل
طباعةPDF
تمهيد 


أعلنت البحرين انضمامها إلى العديد من المعاهدات الدولية خلال القرن الواحد والعشرين، الأمر الذي استوجب عليها التزامات دولية عدة، خصوصاً فيما يتعلق بالتشريعات الخاصة بحقوق النساء التي تناولتها تلك المعاهدات وأهمها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "السيداو". وبعض هذه التشريعات لا تسندها المعاهدات فحسب بل ترتبط أيضًا ببعض مواد دستور البحرين التي تعلن تحقيق المساواة والتمتع بالحقوق الإنسانية بين المرأة والرجل[1].

بعد سجال امتد لسنوات طويلة حول أهمية وضرورة تقنين أحكام الأسرة "الأحوال الشخصية"، يجد الباحثون والناشطون في مجال حقوق المرأة البحرينية استمراراً للفجوات التي تعاني منها النساء فيما يتعلق بتحقيق المساواة، لاسيما من حيث إقرار أو تعديل بعض القوانين والتشريعات المتعلقة بحقوق المرأة. يأتي على قمة هذه القوانين: قانون منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي وقانون الحماية من العنف الأسري وقانون أحكام الأسرة أو فيما يعرف بـ "قانون الأحوال الشخصية"، حيث أثيرت تساؤلات متعددة حول الهدف من وراء إصرار الجانب الرسمي على إقرار "الشق الجعفري" من القانون في ظرف لم يتم التوصل فيه إلى توافق مجتمعي، وهل يدفع تقنين أحكام الأسرة باتجاه تعزيز مكانة المرأة البحرينية وتمكينها الفعلي قانونياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً؟ ثمة سؤال مهم آخر، ألا وهو: هل يمثل إقراره أولوية وضرورة وطنية ملحة مقارنة بمطالبات وطنية من جهة، ومن جهة أخرى يلبي الاحتياجات الفعلية للنساء، أم أن الهدف من إقراره جاء في سياق الضغوط الدولية التي تتعرض إليها الدولة من المنظمات الدولية ومحاولة الظهور أمام الخارج بصورة تعكس انطباعاً عاماً بأن الدولة تؤدي التزاماتها في مجال تمكين المرأة تشريعياً؟

كل هذه الأسئلة وغيرها سيتم تناولها ومناقشتها في هذا البحث من خلال رصد مكثف لواقع المطالبة بتقنين الأحوال الشخصية في البحرين، كما يرصد البحث التسلسل التاريخي لحراك المطالبة بالقانون حتى لحظة إقرار قانون أحكام الأسرة الموحد، فضلاً عن التعرض لأهم السجالات التي رافقت عملية التقنين والعيوب التي تعتري القانون، وهذا بالطبع يحتم الانطلاق من محورين أساسيين: يتعلق الأول منهما بمفهوم الأسرة وتطورها في البحرين، والثاني يبحث في الأسباب الكامنة وراء المطالبة بتقنين أحكام الأسرة، ومن ثم تتبع تطور الحراك المطلبي للقانون.


أولاً: بين مفهوم الأسرة وتطورها 

مفهوم الأسرة

ثمة أمر تتفق عليه العديد من الدراسات البحثية في مجال الوضع القانوني والحقوقي داخل الأسرة، حول أن تعريف الأسرة وأنواعها ووظائفها يسهل قراءة هذه القوانين وتحليلها، ذلك أن أغلب الأحكام المتعلقة بها تركز على أفراد الأسرة، كما تدعم علاقاتهم في أوضاع محددة تنسب إليهم فيها أدوار ومسؤوليات ومستويات من السلطة يتم تحديدها تبعاً إلى مكانتهم فيها كـ"الأب والأم والأجداد والأبناء"، كذلك تبعاً إلى متغيرات متعددة كـ"الجنس والعمر ومستوى التعليم والدخل والنفوذ خارج العائلة..."، إلى جانب ارتباطها - أي الأحكام - بالمناخ الاجتماعي السائد وبالنسق العام للمجتمع، وبالتالي فهي تتميز بارتكازها على هذه التراتبية وعلى العلاقات المتقابلة بين أعضائها، حيث ينظر إلى خصائص هذه العلاقات والمميزات بصفتها خصائص طبيعية يُتوقع أن يتم القبول بها من قبل الأفراد بكل ما يترتب عنها من حقوق وواجبات متبادلة ومن أدوار سلطوية ودون مناقشة[2].

لقد اجتهد الباحثون في علم الاجتماع ببعض البلدان العربية في وضع تعريف قانوني للأسرة دون التدقيق في هيكلها ومكوناتها ووظائفها أو أهدافها، واقتصرت بعض تلك الجهود على الرجوع إلى بعض العناصر كالدين والأخلاق والوطن، حيث تحدّد بعض قوانين الأحوال والمدونات الشخصية مسؤولية الدولة في تحقيق حقوق المرأة ودعمها وتحمل مسؤولياتها في المجتمع والأسرة، باستخدام عبارات "تضمن" أو "تكفل" أو "تحمي" أو "تحفظ" أو "تلتزم"، كما تضع هذه القوانين قيوداً للمبادئ الدستورية كـ"المساواة وعدم التمييز" في إطار صياغة النص الدستوري والقانوني، ترجعها إلى الشريعة الإسلامية أو إلى حجج كالأمن والأخلاق أو الطوائف والأديان[3]، تماماً كما تكشف الأدبيات الرسمية في البحرين عند تعريفها الأسرة على أنها "أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن ...فيما يحدد التشريع مسؤولية الدولة إزاء الأسرة بأن يحفظ القانون كيانها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة"[4].

بالمقابل فإن للأسرة حقوقاُ مثلماً عليها من واجبات تتمثل في تأمين الموارد والخدمات الاجتماعية والاقتصادية كـ "التعليم، الصحة، العمل... إلخ" والأخيرة هي التي ستفسح المجال أمام أفراد الأسرة بتنميتها وحفظها فضلاً عن حفظ الأمن وتوفير الأمان. وعلى الرغم مما تتضمنه التشريعات الوطنية من بنود تتعلق بالحياة العامة والمعاهدات الإقليمية والدولية من حقوق للأسرة، إلا إن النظام القانوني "قانون الأسرة، قانون الأحوال الشخصية، المدونة الأسرية... إلخ" هو من يدير شؤون الأسرة، وهذا النظام في المجتمعات العربية يتبع النظام المجتمعي الذي يوزع الأدوار والحقوق والواجبات بين النساء والرجال، وهو الذي غالباً ما تحتوي أحكامه بشكل أساسي على قواعد لتنظيم وتوطيد هيكل الأسرة وإملاء الأدوار وتيسير العلاقات بين أفرادها وليس تأمين حقوقها فقط، إذ نجد أنه يلغي في العديد من الحالات حقوقاً أخرى قد تتعلق بمجالات أوسع من نطاق الأسرة وهي حقوق المواطنة[5].


تطور الأسرة البحرينية 

يشير الباحث باقر النجار في دراسة له إلى أن التحولات الاقتصادية السياسية التي خضعت لها مجتمعاتنا قد قادت إلى تغيرات في مضمون الأسرة الممتدة، وساهمت في بروز "الأسرة النووية" الصغيرة، المستقلة عن أسرها المرجعية الكبيرة من حيث السكن ومصدر الدخل الاقتصادي، مما أدى إلى تقليص نفوذ الأسرة الممتدة[6]. ومع ذلك يرى النجار أن معظم الزيجات الخليجية تتم في الإطار القرابي، وأنه على الرغم مما أتاحه التعليم من خروج المرأة من المنزل إلى العمل، إلا أنه في نفس الوقت لم يمنحها حق تقرير المصير، وقد علّل ذلك إلى كون التعليم والعمل كمتغيّرات لا تزال تعمل في ظل منظومة من القيم المحددة لأنماط سلوك الأفراد، وبالتالي فأنّ التعليم لا يشيع مفاهيم وقيم الديمقراطية التي هي شرط أساسي لنشأة علاقات تتّسم بالمشاركة والمسؤولية والمساواة، بقدر ما يعيد إنتاج منظومات من القيم الاجتماعية التقليدية[7]، ويستنتج بأن الأسرة خضعت إلى التحولات التي قاربت الجذرية في هيكلها وبعض وظائفها التقليدية، إلا إنها لم تلامس الجوهر في جوانب لها علاقة بمنظومة القرابة وعلاقاتها السياسية الاقتصادية، ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلى ما تتميز به الأسرة من خصائص عبر مرحلتين هما[8]:

1. المرحلة التي سبقت اكتشاف النفط[9]، حيث تميزت الأسرة البحرينية بالاستقرار الاجتماعي والتجانس على الرغم من صعوبة الظروف، مما انعكس على أوضاعها بالتوافق والتجاوب والتآزر وأشاع الشعور بالأمن الاجتماعي، فقد كان نظام الأسرة مركباً، وممتداً أفقياً ورأسياً، والأسرة الكبيرة تضم الجدين وأبنائهما الذكور المتزوجين والأحفاد. وسلطة رب الأسرة (الجد) مطلقة، كما كانت الأم مسؤولة عن تدبير كافة احتياجات الأسرة بسبب غياب الرجال في أعمال التجارة وصيد السمك واللؤلؤ، مما دفع ببعضهن للقيام بكافة الأعمال الاقتصادية البسيطة للمشاركة في دخل الأسرة. كما عانت الزوجة الكثير من الضغوط الاجتماعية والاضطهاد. أما أولوية زواج الفتاة فقد كانت تتم لأقاربها، مما كان يعزز من سلطة الأهل والإبقاء على التقليد الاجتماعي. وكانت أغلب الأسر أمية، واقتصر النظام التعليمي وقتها على المطوع (معلم القرآن) الذي كان يُدرس في الكتاتيب التي يفصل فيها ما بين الذكور والإناث. وقد استمدت الأسرة نظامها والقواعد المنظمة لعلاقاتها السائدة من القيم والمفاهيم الإسلامية، ولم تعرف أي سمة من السمات التي تميزت بها أوضاع الأسرة الحديثة.

2. أما في المرحلة التي تلت اكتشاف النفط، فقد تغّير حجم الأسرة ووظائفها وبناء السلطة فيها، فبرزت بوادر العزلة والغربة بسبب مجابهة صعوبات الحياة ومتطلباتها وأثرها على زيادة حجم الضغوط على أفرادها، وتراخت الضوابط الاجتماعية في خضّم تناقضات تتقاذفها ما بين الميل إلى الحداثة أو إلى التقليد[10]، وتوّزعت إلى أصناف متعددة يحكمها النمط التقليدي المتداخل مع النمط الحداثي الذي يبرز من خلال عدة مؤشرات، منها انكماش حجم الأسرة وتحّولها من ممتدة (Extended Family) إلى أسرة صغيرة أو نووية (Nuclear Family)، يتّسم أفرادها باتجاهات سلوكية تنزع إلى الحرية والاستقلالية والعزلة وبتأثير من الوضع الاقتصادي. كما تراجع دور الأسرة كوحدة إنتاجية فضلاً عن دورها التنشيئي بسبب تعاظم دور المدرسة والوسائط الأخرى كالمؤسسة الدينية ووسائل الاتصالات المرئية والتفاعلية[11]، الأمر الذي أدى إلى تغيرات في أدوار الأمومة والأبوّة والأخوّة وبرز تناقض وصراع بين بعض الأدوار التي تأثرت بضغوط الولاء للعشيرة والجماعات والمذاهب والطوائف وعدم الانسجام، كما تميزت بالاستهلاك المظهري والتبذير الذي أثّر على الاهتمامات واتجاهات السلوك ونمط التفكير في ظل غياب لغة الحوار داخل الأسرة وخارجها.

بالإضافة إلى ذلك، ثمة تأثيرات متشابكة برزت مع التقدم العلمي والثورة التكنولوجية والمعلوماتية، واتساع حركة الإعلام والفضائيات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في تغير نمط تفكير أفراد الأسرة واتجاهاتهم السلوكية والقيم التي يؤمنون بها وأساليب الحياة. كما غيرت تلك التطورات النظم التربوية على بيئة المدرسة والعمل وعلاقاته، فتغير البناء الوظيفي والمهني في مجال العمل وزادت من ساعاته وحدة المنافسة في السوق. إلى جانب الاضطرابات السياسية التي أثرت على ارتفاع معدلات القلق والتوتر عند الأفراد ومحاولتهم التكيف مع الأوضاع الجديدة، فضلاً عما يعترضهم من إشكالات يومية في أماكن العمل أو بسبب البطالة أو الفقر. وجميعها عوامل تسبب الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية في إطار العلاقة الأسرية، ما أدى بدوره إلى ظهور مختلف المشاكل من خلافات زوجية وارتفاع معدلات الطلاق ومعاناة النساء في فك النزاعات الزوجية في المحاكم الشرعية، إضافة إلى قضايا حضانة الأبناء والنفقة والسكن... إلخ. ترتبت على هذا الوضع حاجة ملحة لتقنين أحكام الأسرة، في سبيل مواجهة تلك المشكلات ووضع الحلول لها، ما يعني أن قانون أحكام الأسرة "الأحوال الشخصية" يمثل حاجة ملحة وضرورية لمواجهة المتغيرات التي أثرت في الأسرة واتجاهات أفرادها والعنف واللامساواة والتهميش الواقع على المرأة.


ثانياً: أحكام الأسرة والتقنين

تظهر أغلب الدراسات النقدية[12] بأن قانون أحكام الأسرة "الأحوال الشخصية" يلعب دوراً مهماً وشديد الخطورة في تحديد العلاقات الاجتماعية باعتباره الأشد صلة بالحياة اليومية للمواطنين والأكثر اقتراباً وتأثيراً في الوحدة الأساسية للمجتمع وهي الأسرة. فهو الذي يحكم شؤونها والعلاقة بين أطرافها، ويحدد حقوق وواجبات كل من أفرادها وعلاقاتهم، كما يضبط أمور الزواج والطلاق ورعاية الأطفال والأمور النفسية والمالية الناتجة عنه. وقوانين الأحوال الشخصية تعُد من أهم محاور النظام التشريعي الذي يؤثر على شتى البنى الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في تشكيل صور العلاقات الاجتماعية وتحدد علاقات النوع الاجتماعي (الجندر) بما هو مسموح به للمرأة داخل نطاق مؤسسة الزواج.

يكشف قانون الأحوال الشخصية وأحكام الأسرة في بعض المجتمعات العربية عن وضع المرأة في التراتبية الاجتماعية[13]، وعن أوضاع شديدة الحساسية تؤثر سلباً في أحوال كثيرة على ممارسة المرأة لحقوقها في العمل وعلى نشاطها في المجال العام السياسي والمجتمعي. ومن المعلوم أن أغلب الأنظمة العربية تعاملت بتحفظ مع تقنين قوانين الأسرة[14] وكانت شديدة الحذر في محاولاتها تعديل قوانين الأحوال الشخصية القائمة، وذلك في محاولة لتلافي الصدام مع القوى المحافظة في المجتمع، أو بسبب هيمنة النظام السلطوي الأبوي أو الإيديولوجية الذكورية المتغلغلة في المؤسسات الرسمية للدول العربية والتي تُصعب من عملية التحديث في المجتمع[15]. ولهذا شكلت ولا تزال مسألة تقنين قوانين الأسرة وتحديثها في المجتمعات العربية والإسلامية إشكالية كبيرة بين اتجاهات يرى بعضها ضرورة التقنين والتحديث، وآخر يرفض فكرة التقنين من أساسها ويسوغ مبررات تعرقل تقنينها وتحديثها لاعتبارات دينية وإيديولوجية.

في سياق المتغيرات المجتمعية التي أشرنا إليها؛ حدثت تغيرات كبيرة في واقع المرأة البحرينية وتكريس حقوقها القانونية والإنسانية لا سيما في داخل الأسرة، وذلك من خلال إصلاح بعض القوانين وصياغة السياسات والاستراتيجيات المعنية بالأسرة. ومع ذلك فهي كما سبق الإشارة لم تحد عن واقع البلدان العربية في مقاومة تقنين قانون أحكام الأسرة والتعامل معه بحذر شديد منذ بداية المطالبة بالتقنين، وذلك لتلافي الصدام مع التيارات الدينية واتجاهاتها ومواقفها الرافضة بشدة للقانون. هذا إلى جانب ما يسجله بعض الباحثين بأن الفجوة لاتزال كبيرة بين ما يرد في نصوص القوانين المتحققة على صعيد حقوق النساء ومختلف السياسات التي تم تحديثها أو إقرارها وما يحدث في الواقع على مستويات إنفاذها، بالإضافة إلى التناقض القائم بين النص الدستوري وبين القوانين الإيجابية المتعلقة بالحياة العامة من ناحية، وقوانين الأسرة والحماية من العنف الأسري وغيرها من قوانين العقوبات من ناحية أخرى.

لقد استأثرت قضية المطالبة بتقنين أحكام "الأحوال الشخصية" وما له علاقة بالأحكام الشرعية ذات العلاقة على اهتمام الرأي العام المحلي في البحرين، سواء من رجال الدين من الطائفتين السنية والشيعية أو من الجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني المختلفة، وخصوصاً من الاتحاد النسائي البحريني[16] وبعض الجمعيات النسائية التي تصدرت مشهد المطالبة بالدفع إلى أن تؤخذ في الاعتبار عند تقنين أحكام الأسرة كافة المتغيرات الطارئة على البناء التحتي للمجتمع ومما يمهد السبيل إلى تحقيق المزيد من الحقوق للمرأة والحريات الشخصية لها. كما حظيت المطالبات بالمقابل على اهتمام رسمي من سلطات الدولة القضائية والتنفيذية والتشريعية والمجلس الأعلى للمرأة[17].

إن موضوع التقنين يمس حياة كل أفراد الأسرة وقضايا الزواج والطلاق التي تتصل بالشريعة بشكل وثيق لارتباطها بالإنسان وبالحقوق والواجبات، كما يمس بالمقابل سلطة رجال الدين في كيفية تفسير الشريعة واستنباط الأحكام، وبالتالي لعب دور المنظم للحياة الأسرية في المجتمع. لهذا لاحظنا كيف شهد المجتمع المحلي ولا يزال حالة الاستقطاب الحادة والجدل الواسع الذي انقسمت عليه الآراء بين مؤيد ومعارض لتقنين أحكام الأسرة، فيما تركز نشاط الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي البحريني لصالح إصدار القانون. وقد عكست وسائل الإعلام والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي أغلب المواقف والآراء المهمة بشأن ذلك.


لجنة الأحوال الشخصية

تشير إحدى الدراسات[18] إلى أن بدايات طرح فكرة إيجاد قانون للأحوال الشخصية بدأت في ندوة للمحامي حميد صنقور في الأسبوع الثقافي الأول الذي أقامته جمعية أوال النسائية في يوليو 1979. ثم بدأ الحراك المجتمعي باتجاه تقنين "الأحوال الشخصية"[19]عبر تشكيل لجنة وطنية أهلية أطلق عليها اسم "لجنة تطوير الأوضاع التشريعية والقانونية للأسرة في البحرين" في عام 1982، والتي تغير أسمها إلى "لجنة الأحوال الشخصية" في عام 1984[20]، وهي نفس الفترة التي شهدت فيها قضية الأحوال الشخصية بداية سجال واسع بين أوساط الناشطات والناشطين في مجال قضايا المرأة والأسرة ليس على المستوى المحلي فحسب، بل في المجتمعات العربية عامة، وذلك لاعتبارات ثقافية وعقائدية واجتماعية متشابكة.

تأسست اللجنة بمبادرة أهلية من ثلاث جمعيات نسائية هي جمعية نهضة فتاة البحرين[21]، وجمعية أوال النسائية[22]، وجمعية رعاية الطفل والأمومة[23]، إضافة إلى عدد من المؤسسات الأهلية والشخصيات المستقلة من المهتمين في مجالات علم الاجتماع والقانون والاقتصاد والإعلام بغرض المطالبة بتقنين أحكام الأسرة وإصلاح القضاء[24]، وذلك بعد أن شاع الطلاق التعسفي والتقصير في نفقات الأولاد والخلاف على حضانة الأطفال بعد الطلاق، وغيرها من المشاكل الأسرية.

تشير الوثائق والتقارير الأهلية[25] إلى أن اللجنة باشرت نشاطها بعد الحصول على تصريح رسمي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك، وقد تغيرت عضوية اللجنة مرات عديدة منذ تأسيسها في ذلك الوقت وحتى تأسيس الاتحاد النسائي البحريني الذي تسلم ملف "لجنة الأحوال الشخصية"، وعليه تمت إعادة تشكيل اللجنة في طور تطور نشاطها من الجمعيات التالية: جمعية نهضة فتاة البحرين، وجمعية أوال النسائية، وجمعية رعاية الطفل والأمومة، وجمعية فتاة الريف[26]، وجمعية الرفاع الثقافية الخيرية، وجمعية النساء الدولية، وجمعية المرأة البحرينية، وجمعية البحرين النسائية، وجمعية مدينة حمد النسائية، وجمعية المرأة المعاصرة، وجمعية سيدات الأعمال، وجمعية الاجتماعيين البحرينية، وبعض من الأفراد القانونين والمهنين بصفتهم الشخصية، تساندهم في الدعم والمؤازرة مكاتب قضايا المرأة في الجمعيات السياسية.

نفذت اللجنة أنشطة متعددة كالحملات الإعلامية والبرامج التوعوية حول أهمية إصدار قانون موحد لأحكام الأسرة "للأحوال الشخصية" وضرورته لأفراد الأسرة عامة وللمرأة خاصة[27]. أما أبرز الأهداف التي سعت اللجنة إلى تحقيقها فتتلخص فيما يلي[28] :

1.      المطالبة بإصدار قانون متقدم لأحكام الأسرة.
2.      المساهمة في إصلاح النظام القضائي لخدمة المرأة والأسرة.
3.    السعي لدى الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف لتشكيل لجنة أهلية حكومية مشتركة للتمهيد لإصدار قانون للأحوال الشخصية يراعي الواقع المذهبي في البحرين.
4.     تأصيل ثقافة الحقوق الأسرية بين أفراد المجتمع، وفقاً للقواعد القانونية المنظمة للعلاقات وللحقوق والواجبات.
5.      تبني قضايا النساء المتظلمات في المحاكم والدفاع عنها تضامناً مع الجهات المعنية.
6.  السعي لدى وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والقضاة الشرعيين من أجل تطبيق قانون المرافعات الشرعية أمام محاكم الشرع ضمانًا لحقوق المتخاصمين وحفاظًا على وقت هذه المحاكم.
7.      توعية الجمهور لتقبل قانون الأحوال الشخصية.

ومنه تواصلت مسيرة المطالبة بإصدار القانون الموحد بجهود أهلية يتصدرها الاتحاد النسائي البحريني، ورسمية من قبل المجلس الأعلى للمرأة[29]، لتثمر عما تحقق من إنجازات طالما طالبت بها "لجنة الأحوال الشخصية"، كإيقاف العمل بتنفيذ حكم الطاعة بقوة الشرطة (وهو الحكم الذي كان مطبقاً دون سند قانوني أو شرعي)، وصدور مرسوم أميري ينص على تعديل قانون تنظيم القضاء سنة 1986 بهدف تيسير التقاضي وسرعة إصدار الاحكام، حيث وضع المرسوم ترتيباً للمحاكم الشرعية، وقانون الولاية على المال في عام 1986. كذلك صدور قانون المرافعات أمام المحاكم الشرعية في عام 1987، وفتح ملف حق المرأة في الانتفاع بالوحدة السكنية المقدمة من وزارة الإسكان مناصفة مع الرجل، والذي يعتبر أحد مرتكزات القرارات الإيجابية التي أصدرتها وزارة الإسكان عام 2008 في هذا الخصوص، فضلاً عن تشكيل صندوق النفقة وتعديل إجراءات التقاضي أمام المحاكم الشرعية. كما وبمبادرة من بعض الجمعيات النسائية تم تدشين خدمات مؤسسية متخصصة للإرشاد الأسرى والدعم القانوني للمرأة والأسرة، كمركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري التابع لجمعية نهضة فتاة البحرين، فضلاً عن نشر الوعي القانوني والحقوقي بأهمية تقنين أحكام الأسرة في أوساط النساء بمراكز محو الأمية والمراكز الاجتماعية وبين الطلبة والمعلمين في المدارس.

في سياق مطالبات "لجنة الأحوال الشخصية" بالتقنين تم التركيز على أهم القضايا والمشاكل التي تعانيها الأسرة البحرينية عامة والمرأة خاصة، وسعت اللجنة بشكل حثيث لدى الجهات الرسمية المختصة لإيجاد الحلول المناسبة لها، إضافة إلى مطالبتها بإصدار قانون موحد للأحوال الشخصية والعمل به في المحاكم الشرعية، بدائرتيها: السنية والجعفرية[30]. وقد دعمت اللجنة مطالباتها بالتقنين وبإصدار القانون منذ ثمانينات القرن الماضي بنتائج مسودة دراسة حول "مسائل الأحوال الشخصية وفقاً للقضاء البحريني" أعدتها المحاميتان هيا الخليفة ومريم الخليفة[31]. وقد تناولت الدراسة معالجة قضايا متعددة منها الولاية في عقد الزواج وتعدد الزوجات ونفقة الزوجة والطاعة وسن الزواج وأنواعه وآثاره مثل متعة الزوجة المطلقة وحضانة الأولاد ونفقتهم وغيرها، فضلاً عن قضايا الطلاق. وكشفت الدراسة في نتائجها عن إساءة العديد من الرجال استخدام حقوقهم الزوجية وتخليهم عن مسؤولياتهم تجاه أطفالهم، وكذلك تزويج الأولياء بناتهم للكبار في السن أو لغير الأكفاء، وتقتير الأزواج والآباء المالي على أطفالهم. وخلصت الدراسة في ختام تقريريها إلى المطالبة بتنفيذ توصيات محددة لتحسين أوضاع النساء وتقنين أحكام الأسرة[32]. ورغم كل محاولات اللجنة لم يتم الاستجابة لمطالباتها بتقنين أحكام الأسرة إلا في عام 2009.

في سياق حراك لجنة الأحوال الشخصية ساهمت بعض الهيئات والجهات الأهلية في بداية الألفية الثالثة في دعم ملف إصدار قانون الأحوال الشخصية. مثال على ذلك لجنة العريضة النسائية[33] التي نشطت في ملف إصلاح القضاء الشرعي وأداء القضاة الشرعيين، حيث تقدمت في عام 2007 بشكوى إلى أمين عام الأمم المتحدة تشكو فيها من عدم تقنين الأحوال الشخصية استناداً إلى التوصية الصادرة من لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2005، التي تقضي بضرورة وضع قانون للأحوال الشخصية. وأشارت في شكواها إلى انتهاك العلاقات والحقوق وعدم التوازن في الحقوق بين الزوج والزوجة، كحق الزوج بحضانة أولاده بعد سن السابعة، وحق الأب أو الجد في تزويج صغيرهم، مما يعد انتهاكاً للطفولة، وتعدد الزيجات إضافة إلى صعوبة ضبط تلك الحقوق ومراقبة تصرفات القاضي الشرعي. ونوهت إلى أن القضاء الشرعي ينقسم إلى درجتين، هي محاكم الدرجة الأولى والثانية[34]، كما انتقدت طريقة تعيين القضاة في المحاكم الشرعية التي تتم على أساس طائفي، وعدم وجود معايير دقيقة ومحددة لتعيين القضاة حيث يعتمد التعيين على الترشيح من قبل المجلس الأعلى للقضاء.

من جهة أخرى أعد الشيخ محسن العصفور قاضي المحكمة الكبرى الجعفرية في عام 1998 وثيقة عقد الزواج لتطبيقها في المحاكم الشرعية، ولكنها رفضت من قبل المحاكم السنية لكونها كتبت وفقاً للمذهب الجعفري، ورفضتها المحاكم الجعفرية أيضاً لكونها جهداً فردياً فيه مخالفة لما تعمل به. وقد ألف الجزء الأول من قانون الأحوال الشخصية على المذهب الجعفري الذي تضمن "1506 مادة" من أحكام الزواج في عام 1999، ولم يقر أيضاً من قبل القضاة وللسبب السابق. فيما قدم الشيخ حميد المبارك قاضي المحكمة الكبرى الجعفرية إلى المجلس الأعلى للقضاء مسودة أخرى بعنوان "مشروع قانون أحكام الأسرة طبقاً للمذهب الجعفري في تنظيم الزواج والطلاق والنفقة والحضانة"[35] وذلك في بداية عام 2002. وقد احتوى على"122 مادة" مقسمة إلى بابين: الأول للزواج ويتضمن سبعة فصول تتعلق بالخطبة، والأحكام العامة، وأركان الزواج، وشروط العقد، وحقوق الزوجين، وأنواع الزواج، وآثار الزواج (النفقة والنسب). أما الباب الثاني فتناول الفرقة بين الزوجين ويحتوي على ثلاثة فصول تعالج الطلاق، وأنواع الطلاق، والفرقة بين الزوجين (العدة والحضانة).

في الوقت ذاته تقدم ثلاثة قضاة آخرين من المحكمة السنية، وهم الشيخ عيسى أبو بشيت قاضي محكمة الاستئناف العليا الشرعية، والشيخ عدنان القطان، والشيخ إبراهيم المريخي القاضيين بالمحكمة الكبرى، تقدموا بمسودة تحمل عنوان "مشروع الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية بتنظيم الزواج والطلاق والنفقة والحضانة" تحتوي على "142 مادة" مقسمة إلى كتابين. الأول يتعلق بالزواج، وفيه ستة أبواب تحمل عناوين الخطبة، والأحكام العامة، والأركان والشروط "الزوجان، والإيجاب والقبول، والمحرمات، وشروط العقد، وحقوق الزوجين"، وأنواع الزواج، وتنازع الزوجين في الوطء وآثار الزواج "النفقة والنسب". أما الكتاب الثاني ففيه خمسة أبواب تتعلق بالطلاق والمخالعة والتطليق "التطليق للعلل، والتطليق لعدم أداء الصداق في الحال، والتطليق للضرر والشقاق، والتطليق لعدم الإنفاق، والتطليق للغياب والفقدان، والتطليق للإيلاء والظهار، وأحكام مشتركة"، والفسخ، وآثار الفرقة بين الزوجين "العدة والحضانة"، وختمت بأحكام ختامية، وهي في عمومها مستخلصة من وثيقة مسقط، حينها قررت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تشكيل لجنة من القضاة الشرعيين لإعداد هذا القانون[36].


معارضة تقنين أحكام الأسرة 

تشكلت لجنة على المستوى الرسمي مكونة من ثلاثة قضاة من الدائرة السنية وثلاثة من الدائرة الجعفرية، وثلاث محاميات، حاولت من طرفها إعداد قانون موحد للطائفتين مع الحفاظ على خصوصيات كل مذهب بتحديد المواد والفقرات الخاصة بكل منهما وإضافة بعض المواد. وقد صدرت المسودة بعنوان "مشروع قانون أحكام الأسرة في تنظيم الزواج والطلاق وآثارهما" واحتوت على "139 مادة" قسّمت بنفس تقسيم مسودة قضاة المحاكم السنية. وقد عقدت اللجنة ثلاث جلسات فقط لمناقشة هذه المسودات الثلاث، إلا إن أعمالها - أي اللجنة - توقفت في عام 2002 لأسباب لم يتم الإفصاح عنها[37].

وفي اعتصام نسائي نادت إليه بعض الجمعيات النسائية عام 2005، طالبت المشاركات بضرورة إصدار قانون أحوال شخصية موحّد للطائفتين، فلاقى ذلك التجمع معارضة شديدة من بعض علماء المذهب الجعفري، الذين دعوا إلى ضمانات دستورية وإشراف من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف. ورأوا أن إصدار مثل هذا القانون يتعارض مع الفوارق الجوهرية بين المذهبين ومع الاحتجاج على أن من وضع صياغة هذا القانون هم ليسوا من أهل الاختصاص، ولا يحملون أي شهادة شرعية، كما اعترضوا على تدخل البرلمان كون الموضوع في الأساس موضوعاً شرعياً ولا يجوز تشريعه من قبل أشخاص ليسوا من أهل الاختصاص الشرعيين. إضافة إلى أن مسألة التقنين وإلزام القضاة بالعمل بالقانون فيه مصادرة لحق القضاة في الاجتهاد، وإن التقنين يلغي الأحكام الشرعية، وباعتبار أن الأحكام الشرعية هي مسؤولية القضاة وعلماء الدين المجتهدين فقط، وهي تختلف من مذهب إلى آخر، ولذلك لا يمكن توحيدها.

اللافت كان في موقف قطاع كبير من النساء اللاتي يرتكز تفكيرهن في نطاق الشريعة والمرجعية ممن كن على قناعة بأنّ قانوناً مثل "قانون الأحوال الشخصية" لا يمكن القبول به دون الرجوع إلى العلماء، وإنّ حقوق المرأة الشرعية محفوظة ضمن الشريعة وبالتالي لا حاجة لتقنينها[38]، فقد صرحت إحداهن: "إننا نكّرر موقفنا المؤيّد لعلمائنا الأفاضل من رفض إخضاع قانون الأحوال الشخصية للمؤسسات الوضعيّة، وندعو لوضع خطة لمواجهة ظاهرة العنف ولعلاجها من المجلس العلمائي والمؤسسات الإسلامية، لأن مجتمعنا يتفاعل مع خطابه أكثر من الخطاب الرسمي والدولي..."[39].

وتطور الموقف الرافض إلى إصدار عريضة ترفض مبدأ التقنين أصلاً، وانطلقت مسيرة دعا إليها المجلس الإسلامي العلمائي في عام 2005 وشاركت فيها عشرات الآلاف من نساء الطائفة الجعفرية يتقدمها عدد كبير من علماء الدين ووصفت بأنها الأضخم بعد عهد الإصلاح، ترفض التقنين وتطالب بتوفير ضمانات دستورية لإصدار القانون، وقد فُسرت بأنها "رسالة مقصودة الدلالة من جانب العلماء"[40]. وهنا أعلن الاتحاد النسائي البحريني وانطلاقاً من ثوابته بضرورة التقنين وتبني القضايا الحقوقية للنساء البحرينيات وتمكينهن ومساواتهن عبر سلسلة من الحملات والبيانات تدعم صدور قانون أحكام الأسرة الموحد وفق المذهبين، وبما ينظم العلاقات الأسرية ويحفظ حقوق المرأة، كما بيّن ضرورة الدفع باتجاه التوافق المجتمعي عليه، وتقريب وجهات النظر وتهيئة المجتمع لقبول التغيير.

وعليه حدث استقطاب مجتمعي شديد بين مؤيد ومعارض تجاه التقنين. فالمؤيدون للتقنين من أفراد أو جمعيات يرون أن تقنين الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة يمثل ضرورة في ضوء تقارب أحكام القضاة واجتهاداتهم والإجحاف الذي تعاني منه المرأة، وأن في صدوره صلاح لها وللرجل بل ولكافة أفراد الأسرة. ذلك أن غياب القانون الذي ينظم معاملات الزواج والطلاق والحضانة والإرث والولاية والقوامة، ويحمي المرأة ويضمن لها المساواة وعدم التمييز في الحقوق، قد ولد فراغاً تشريعياً أمام اجتهاد القضاء البحريني وفقاً للشريعة الإسلامية من المراجع والتأويلات التي يعتمدها قضاة المذهبين - السني والجعفري - للفصل في أحوال الأسرة، الأمر الذي تسبب في العديد من الإشكاليات القانونية بسبب اجتهادات القضاة المختلفة والمتضاربة أحياناً. كما أن غيابه يعد من وجهة نظر الحقوقيين والناشطين في مجال حقوق المرأة البحرينية تمييزاً صارخاً ضدها وإجحافاً بحقوقها الإنسانية وبمستوجبات المواطنة.


صدور قانون أحكام الأسرة الموحد 

كما سبق وذكر، أثارت المطالبات بإصدار قانون موحد لأحكام الأسرة جدل مجتمعي واسع على الرغم من وجاهة المطالبة بالتقنين الذي يضمن حقوق المرأة وأطفالها. فما تكشفه المؤشرات يبين أن النساء والأطفال هم الشريحة الأكثر تضرراً من ضحايا ممارسة العنف وسوء التوافق الأسري في ظل غياب القانون وتباين الأحكام القضائية التي تتم وفق ثقافة القاضي واجتهاداته وما يركن إليه من مصدر شرعي وموروث اجتماعي يصل أحياناً إلى حد التناقض، الأمر الذي أدى إلى زعزعة الثقة بالمحاكم الشرعية لدى فئات واسعة من النساء وشعورهن بعدم الإنصاف، وإنه لولا القرار السياسي والدعم الرسمي لم يكن لهذا القانون أن يصدر بموافقة مجلس النواب وبالإجماع.

ففي الوقت الذي تطبق فيه المحاكم أصول الشريعة الإسلامية التي تكفل للمرأة الحرية في اختيار الزوج برضاها الحر والكامل، إلا أن تقديرات الواقع العملي تشير إلى العديد من المشاكل الزوجية التي قد تمتد لفترات طويلة من الزمن وتزداد فيها النزاعات الناجمة جراء الطلاق، خصوصاً مع دخول المرأة في دوامة المحاكم وأروقة القضاء التي كانت تستغرق سنوات، دون أن تحصل فيها على حقها في الطلاق. وإن حصلت عليه فذلك يتم بعد عناء طويل ولسنوات طويلة من التفاوض حول حقوق الحضانة ونفقة الأبناء، وقد تخرج في نهاية المطاف خاسرة خصوصاً في حالات الخلع[41]. لهذا وعند الحديث عن ضرورة المطالبة بتقنين أحكام الأسرة لابد من الكشف عن بعض المؤشرات السكانية-الأسرية والحقوقية ذات العلاقة بالقانون على الرغم من ندرة الإحصاءات الوطنية ودقتها.


مؤشرات أسرية وحقوقية

شهدت أرقام الطلاق ارتفاعاً وفقاً لوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، حيث ارتفعت بمعدل 30% مقارنة بحالات الزواج في عام 2009، وقدرت الوزارة حجمها بـ 1400 حالة طلاق في السنة من أصل 4400 عقد زواج، وأن ما بين 3-4 حالات طلاق تحدث يومياً[42]. أما في عام 2012 فوصلت نسبة الطلاق إلى 27%[43]، فيما تبين من تتبع عدد القضايا في المحكمة الشرعية بأنها في ازدياد نسبي يتراوح من "940 قضية إلى 1905 فـ2588، 3063، 2788، 4210" خلال السنوات 1995 و2004 و2006 و2008 و2011 و2012 على التوالي،[44] و2513 قضية حتى منتصف عام 2013 فقط. وغالبية هذه الدعاوى تمثل قضايا المنازعات الأسرية، فيما أشار الشيخ حميد المبارك رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية خلال لقاء نظمته جامعة البحرين مع طلبة مقرر أحكام الأسرة إلى أن عدد القضايا أمام المحاكم الشرعية يتراوح ما بين "15 إلى 20" قضية يومياً أي ما بين أكثر من "3500 إلى 5000" قضية في العام، حيث تبقى العديد منها معلقة أمام المحاكم دون حل مما يضر كثيراً بالنساء[45]. كما أظهرت دراسة للاتحاد النسائي البحريني[46] أن نسبة 43% من قضايا الطلاق سببها العنف الأسري، مقابل 27% من علاقات خارج الزواج و23% بسبب المرض النفسي للزوج أو لهجره زوجته.

كذلك كشفت الإحصائيات الرسمية عن وجود 12 ألف قضية مُعطلة من عام 2009 إلى 2015 تتراوح بين نفقة وحضانة وطلاق وخُلع، إضافة إلى وجود 3000 قضية طلاق للضرر معلقة منذ عام 2011[47]. كما اتضح من واقع المرأة البحرينية في المحاكم أن القضايا تبقى عالقة فيها ما بين "4 إلى 16" عاماً، ما يعني وجود خلل في مراحل التقاضي في المحاكم. وفي هذا معاناة للنساء من شدة بطء تنفيذ الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية، كأحكام حق الزيارة ورؤية الأطفال في حال الطلاق وتقرير حضانة الأب، إذ لا تأخذ المحكمة إجراءً سريعاً عند تعنت الأب وامتناعه عن تنفيذ الحكم، وتقضي الأم وقتاً طويلاً ومستمراً "امتد في بعض الحالات إلى سنتين" في ردهات المحاكم دون أي طائل. أما بالنسبة إلى إنشاء "صندوق النفقة"، فإنه في حال صدور حكم بالنفقة، فإن الكثير من النساء يعانين من البطء الشديد في إجراءات محكمة التنفيذ بالتحويل إلى "صندوق النفقة" لصرف مبلغها للزوجة والعودة إلى الزوج، الأمر الذي أكد باستمرار الحاجة الضرورية لإقرار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة[48].

إن المعطيات والأرقام أعلاه تعد دلالة على أن الروابط بين أفراد الأسرة لم تعد كما كانت عليه في السابق، وهي تكشف عن الاحتياجات الملحة إلى سن تشريعات وقوانين تحقق الإنصاف والدعم للنساء البحرينيات وحمايتهن. فهناك الكثير مما رصدته الجمعيات النسائية خلال نشاطها الاجتماعي من حالات التفكك الأسري، وتشتت وضياع الأطفال نتيجة الأوضاع الأسرية المتردية، والاستخدام المتعسف من قبل الرجال لحق الطلاق، والخلافات المستحكمة بين الأطراف المتنازعة التي غالباً هم النساء والأطفال، وهذا ما شكل عامل ضغط كبير باتجاه الاستمرار المطلبي للتقنين الذي بدأ بإصدار قانون أحكام الأسرة رقم 19 لسنة 2009 في قسمه الأول "الشق السني"[49].

بعد إقرار "الشق الأول السني" من القانون، تواصلت الحملات المستمرة والمكثفة من الجانب الأهلي وفي صدارته الاتحاد النسائي. وبعد الملاحظات الختامية التي أوجبتها "لجنة السيداو" على الدولة بضرورة تقنين قانون موحد للأسرة لا سيما من خلال اهتمامها باعتماد الدولة للجزء الأول من "القانون رقم 19 لعام 2009 الشق السني"، وقلقها من عدم وجود قانون موحد يطبق في المحاكم الجعفرية، والذي على إثره تقدم مجلس الشورى المعين بتقديم مقترح لقانون موحد لأحكام الأسرة يتكون من "149" مادة تراعي التباين بين الطائفتين، وإذا بردود الأفعال السلبية تتصاعد من التيار الديني الشيعي الرافض للتقنين، فيما وجد الاتحاد النسائي البحريني والناشطات في مجال حقوق المرأة في مقترح القانون الجديد خطوة إيجابية وإن كانت بعض مواده تعاني من نواقص تمييزية تجاه حقوق المرأة[50].

وفي خضم تداعيات الحدث بادر الجانب الرسمي بتشكيل "اللجنة الشرعية" بأمر ملكي رقم 24 لسنة 2017 لمراجعة مسودة قانون أحكام الأسرة المقترح، التي اعتبرتها الفعاليات المؤيدة للتقنين خطوة في الاتجاه الصحيح[51]، وضامنة ومراعية للاختلافات المذهبية، في حين أصرت المرجعية الدينية على موقفها الذي سجلته تصريحات عالم الدين السيد عبدالله الغريفي في رده على قانون الأسرة الموحد: "على رغم أنَّنا نؤمن أنَّ الشّئون الدِّينيَّة لها مرجعيَّاتها المختصَّة، إلَّا أنَّنا لا عقدة لدينا من التَّقنين لو توافرت الضَّمانات، والمحصِّنات الحقيقيَّة...، فلا يجوز لمَن لا يملك (الفقاهة، والاجتهاد) أنْ يمارسَ الاستنباط، وإلَّا كان متجرِّئًا على شرع الله تعالى،...وبأن "أحكام الشَّريعة لها متخصِّصُون متفرِّغُون،...وأضاف "مع احترامنا لرجالِ القانونِ، ولرجال السِّياسة، ولرجال المؤسَّسات الوضعيَّة، فليس من اختصاصاتهم أنْ يُعطوا الرَّأي في الحلالِ والحرام إلَّا أنْ يكونوا رجال اجتهاد واستنباط، وكذلك ليس مِن وظائفهم أنْ يُرجِّحوا رأيًا فقهيًّا على رأي آخر،...ورأى أن "من الخطر كلِّ الخطر حينما تُقحم المؤسَّساتُ الوضعيَّة في شئون الدِّين، وفي شئون الإفتاء، ومن أخطر شئون الدِّين (أحكام الأسرة)، فهي تتعلَّق بالأعراض، والأنساب، والمواريث"[52].

لكن قانون الأسرة الموحد أقر في أبريل 2017 وتطبيقه سيكون مع سريان أحكام القانون على جميع القضايا المنظورة حالياً في المحاكم والتي لم يصدر بشأنها حكم موضوعي نهائي قبل نفاذه. وقد ألغى القانون القسم الأول من قانون أحكام الأسرة رقم 19 لعام 2009، كما نصّ على عدم جواز إجراء أي تعديل عليه إلاّ بعد موافقة لجنة من ذوي الاختصاص الشرعي من القضاة وفقهاء الشريعة الإسلامية المتخصصين في الفقه السني والجعفري، على أن يكون نصفهم من قضاة المحاكم الشرعية، ويصدر بتشكيلها أمر ملكي. وتسري أحكام هذا القانون على جميع المنازعات التي تدخل في ولاية المحاكم الشرعية، وعلى من يتبع الفقه السني أو الفقه الجعفري. وفيما لم يرد بشأنه في هذا القانون، يحكم القاضي بالنسبة لمن يطبق عليهم الفقه السني بالمشهور في المذهب المالكي، فإن لم يوجد أخذ بغيره من المذاهب الأربعة في الفقه السني، ويحكم بالمشهور في الفقه الجعفري بشأن من يطبق عليهم الفقه الجعفري، وإذا تعذر ذلك حكم القاضي بالنصوص والقواعد الفقهية العامة في الشريعة الإسلامية لأسباب يبينها في حكمه[53].

مما سبق يتبين أن تقنين أحكام الأسرة ليس ترفاً أو مطلباً هامشياً، حتى وإن تضمن تمييزاً في بعض جوانبه، أو إن جاء في سياق الضغوط الدولية التي تمارس على الدولة لتنفيذ التزاماتها بالمعاهدات الدولية، أو بسبب ظروف سياسية عالقة وضعت القانون في دائرة السجال السياسي والمساومات. فإن إقراره يأتي استجابة للمتغيرات التي حدثت في المجتمع وتركت آثارها على أوضاع الأسرة وأفرادها، وانسجاماً مع احترام المرأة ومكانتها في المجتمع كمواطنة وعلى قدر من المساواة. كما إن القانون يتوافق ومنظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان، بيد أن تقنين أحكام الأسرة حاله من حال قوانين أخرى صدرت واعترتها فجوات ونواقص ولم تكن بمستوى الطموح الذي ناضلت من أجله النساء المنضويات في إطار الاتحاد النسائي البحريني والجمعيات النسائية ومنظمات المجتمع الأهلي التي سعت لأن يكون القانون مشتملاً على نصوص موحدة تجمع بين الفقهين السني والشيعي وأن ترتكز على مبادئ حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية كاتفاقية "السيداو" وبما يحقق المساواة في الحقوق والقضاء على التمييز ضد المرأة في شؤون الزواج والطلاق والنفقة والحضانة وغيرها. بل إن بعضها جاء متناقضاً مع النص الدستوري الذي يكرس مبادئ المساواة أمام القانون ومبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، كذلك يخالف بعض مبادئ الاتفاقيات المصادق عليها وأبرزها اتفاقية "السيداو"، فما هي تلك العيوب والنواقص؟


ثالثًا: جيوب التمييز في قانون أحكام الأسرة الموحد

من منظور حقوق الإنسان يبقى قانون أحكام الأسرة الموحد نصاً تمييزياً من حيث القواعد القانونية الشرعية التي يتم تطبيقها، فهي تغطي كلاً المذهبين مستندة على تفسيرات شرعية لها مدلولاتها التمييزية عندما يتم اعتمادها لتطبيق وتنظيم أمور كالزواج والطلاق وحضانة الأطفال. فوفقاً لأحكام القانون، تكون للنساء حقوق أقل أو أنها تنعدم فيما يخص الوضع المدني، فالمرأة تعتبر قاصراً في قضايا الولاية الأسرية "وتربية الأطفال والتعليم، والجنسية، الميراث...إلخ، ومن أبرز النواقص التي يركز عليها البحث ما يلي: 

1.   الولاية في الزواج
إن المادة "28-1" في الفقه السني تشترط حضور الولي وموافقته لصحة عقد الزواج، وعند عدم توفر هذا الشرط يكون العقد باطلاً، بمعنى حرمان المرأة من المهر والنسب والنفقة والخضوع للعدة. أما في الفقه الجعفري فلم يعالج القانون هذه الحالة ونص في مادته "15/2" إلى أن "الولي في زواج البكر هو أبوها أو جدها لأبيها، ويشترط في نفاذ تزويجها رضاها بذلك، ومع عدم وجود الأب أو الجد لأب، تستقل المرأة بالزواج إذا كانت بالغة راشدة ولا ولاية على ثيب عاقلة من زواج صحيح". وعليه فإن اشتراط وجود الولي في عقد الزواج ينال من رضا المرأة حين يشاركها في هذا الرضا وليها في العقد، وفي ذلك تمييز ضد المرأة، ففي الوقت الذي يمنح فيه القانون للمرأة حق الترشح والتصويت، إلا إنها ذاتها تحتاج إلى ولي الأمر في التصريح والتوقيع على إجراءات زواجها، وفي هذا سلب لحقها في الاختيار[54].

2.  أهلية الزواج
يحدد القانون سن زواج الفتاة بست عشرة سنة ميلادية، ويجيز تزويجها إن كانت أقل من هذا السن بإذن من المحكمة. وانسجاماً مع الاجتهادات الفقهية والمعايير الدولية واتفاقية السيداو كان يفترض أن يحدد سن الزواج بثمانية عشر سنة على الأقل، وأن يعتبر الزواج دون ذلك السن باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني وأن يقرر عقوبة رادعة لكل من يزوج طفلاً أو طفلة.

3.      تعدد الزوجات
يخلو القانون من أي نص يقيد تعدد الزوجات ويحد من إساءة رخصة التعدد، بل إنه يفتقر إلى وضع شروط أخرى لتقييده، مثل توافر الضرورة الملحة إليه أو إعطاء الزوجة حق الاختيار بين الاستمرار في الحياة الزوجية مع زوجها بعد زواجه بأخرى أو إنهاء العلاقة بدون شروط.

4.   مسكن الزوجية وبيت الطاعة
كرس القانون مفهوم تبعية المرأة للرجل وطاعته وإجبار المرأة على الإقامة في بيت زوجها الذي اختاره هو. وهذا يتناقض وحرية اختيار الزوجة وإرادتها، بل إن الغرض منه التأكيد على بيت الطاعة في حال تركها له، حيث في تمنعها تصبح ناشزاً وتحرم من طلب النفقة حتى وإن كان بهدف خروجها للعمل في حال عدم موافقة الزوج على عملها. وعادة ما يلجأ الأزواج إلى هذه الحيثية لإذلال الزوجة، إذ تبين أن معظم قضايا الطاعة في المحاكم الشرعية هي في الأساس قضايا كيدية يقصد منها الأضرار بالزوجة مادياً ومعنوياً، مما يعد وضعاً متدنياً للزوجة تنعدم فيه المساواة ويحد من مشاركتها في الحياة العامة والتمكين الاقتصادي والسياسي.

5.   الطلاق والخلع
إن القانون يجيز حق الطلاق للزوج وبإرادة منفردة دون علم وحضور الزوجة ودون الاستماع إلى رأيها، كما يجيز خضوعها لحكم النشوز والطلاق الرجعي الذي يتمثل في سلطة الزوج بإرجاع الزوجة رغم إرادتها في حال استحالة الحياة الزوجية (كما يرى) ودون قيد صريح لهذا الحق. وهذا التصرف الفردي تترتب عليه آثار قانونية على الزوجة والأبناء. هذا ولا ينص القانون صراحة على حق المطلقة في التعويض في حالات الطلاق التعسفي والمخالعة[55]. وإن كان القانون قد نص على حق الزوجة في الخلع، إلا أن هذا الحق يبقى ناقصاً، ذلك أن المرأة تجد نفسها تدفع ضريبة الخلع لضمان أمنها وراحة بالها وصحتها الجسدية، كما أن المخالعة ليست حقاً مطلقاً للمرأة، بل يرتبط بمقابل أو "تعويض" مادي تدفعه الزوجة إلى زوجها. وغالباً ما يكون هذا التعويض عبارة عن مبلغ مالي متمثل في الصداق، ما يعني أنها حتى لو دفعت البدل وتنازلت عن حقوقها لا تستطيع خلع الزوج إلا بموافقته وقيده.

6.   نقل الجنسية والميراث
حتى كتابة هذه السطور لا تستطيع الأم أن تنقل جنسيتها لأطفالها بصفة متساوية مع الأب، كما تمنع المرأة المسلمة من الزواج بغير المسلم. وفي مسألة الميراث يعتمد القانون كما في أغلب الدول العربية على اجتهاد في الشريعة الإسلامية يرى أن الذكر يرث ضعف نصيب الأنثى بالنسبة إلى الإخوة، كما يرث الزوج نصيباً أعلى من نصيب الزوجة رغم مساهمة الزوجة في تكوين الثروة العائلية. وقد يترتب على هذا التمييز آثار سلبية كحالات الفقر والحرمان في صفوف النساء.

الخاتمة 

نخلص إلى إن إصدار قانون أحكام الأسرة الموحد بعد أكثر من ثلاثة عقود من المطالبات التي انطلقت من دعم قضايا المرأة وحقوقها ونضالها من أجل المساواة مع الرجل في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية، واستندت إلى كونه أحد الضمانات التي تمكنها من المشاركة المجتمعية، قد جاء كنتيجة حتمية لتركيز مطالبات الحركة النسائية ومؤسسات المجتمع المدني والناشطين والناشطات الحقوقيين المتراكمة والمستمرة في إصرارها على قضية التقنين. وبالتالي فهو لم يأت عبثاً ولم ينزل بمظلة، إنما جاء نتيجة الواقع الذي تعيشه نساء البحرين من معاناة وتلبية لاحتياجاتهن لمثل هذا القانون، خصوصاً مع تزايد قضايا المتضررات العالقة في المحاكم الشرعية.

لا ريب أن صدور قانون أحكام الأسرة البحريني يمثل استحقاقاً ومطلباً قانونياً أثمرت جهوده الكبيرة عن إصدار قانون أحكام الأسرة الموحد في أبريل 2017، الذي جاء بعد أن أثبت القانون رقم 19 لسنة 2009 "الشق السني" فاعليته من وجهة نظر بعض الناشطين والحقوقيين، وبعد مرور ما يقارب عشر سنوات من تحسين ظروف التقاضي والانتصاف للمرأة والأطفال وفق النصوص القانونية الصريحة والمدونة التي استجابت لاحتياجات النساء المتضررات وأطفالهن وأسرهن.

لقد تعززت المطالبة بالقانون في سياق موجة الإصلاحات السياسية التي طرحت منذ بداية الألفية والتوجه نحو تحقيق شعارات تمكين المرأة البحرينية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية. وهذا بالطبع تطلب الانسجام بين مصادقة الدولة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "السيداو" عام 2002 وبين تحديث التشريعات والقوانين الوطنية المساندة للمرأة، ذلك على الرغم مما اعترى القانون الموحد من إشكالات متعددة فيما يتعلق بأهم وأبرز الفجوات التمييزية التي تناولناها سلفاً، كالولاية على الزواج والطلاق والسن القانوني للزواج وتعدد الزوجات والإرث وغيرها، مما يكرس التمييز بحق المرأة البحرينية ويحول دون إنصافها، حيث تشتمل إجراءات التسوية في حالة الطلاق على صعوبات كثيرة للمرأة، يساهم فيها تدني الوعي الحقوقي للنساء وعدم معرفتهن بحقوقهن وطول أمد التقاضي وكلفته وأيضاً الضغوطات الأسرية والمجتمعية التي تدفع بالنساء للتنازل عن حقوقهن.

يتضح من خلال البحث أن المرأة هي المتضرر الرئيسي عند غياب "القانون الموحد للأحوال الشخصية". ذلك ما كشفته أرقام القضايا المتداولة في المحاكم الشرعية، ويدعمه ما يصل إلى المراكز الاجتماعية من مشاكل زوجية وتفكك أسري. لذا فإن طبيعة المتغيرات الطارئة على أوضاع الأسرة ومتطلبات الواقع الذي تعيشه النساء في هذا العالم المعولم قد فرض على الجميع إصدار قانون أحكام الأسرة الموحد كضرورة، بغض النظر عن مختلف السجالات المتداولة في المجتمع.

وفي هذا الحال، تبقى الحركة النسائية والمجتمع عامة في مواجهة تحديات كبيرة من جهة تنفيذ أحكام قانون أحكام الأسرة الموحد ومراجعته وإصلاح النظام القضائي في المحاكم الشرعية، بحيث يشتمل التقنين على أحكام المواريث والوصايا، ناهيك عن التحديات المتعلقة بالتباين في التفاسير الشرعية والاختلاف المذهبي وطبيعة العادات والتقاليد والموروثات والثقافة السائدة التي ما تزال تتعامل مع المرأة بصفتها قاصراً. أما التحدي الذي لا يقل أهمية عما سبق فيتمثل في التنبه ايضاً إلى طبيعة الثغرات ونقاط الضعف في مجتمعاتنا عموماً، لا سيما تلك المتعلقة بتمكين المرأة ومعاملتها كإنسان ومواطن على قدر المساواة مع الرجل في الحقوق والتشريعات.


[1] تحديداً فيما له صلة بأحكام المادة (2) و(5) فقرة (ب) من دستور البحرين.
[2] مجموعة باحثين، المرأة العربية والتشريعات: تقرير تنمية المرأة العربية (تونس: مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، 2015)، ص 140.
[3] مجموعة باحثين، المرأة العربية والتشريعات: تقرير تنمية المرأة العربية (تونس: مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، 2015)، ص 142.
[4] المادة "5" من دستور مملكة البحرين الصادر عام 2002.
[5] مجموعة باحثين، المرأة العربية والتشريعات: تقرير تنمية المرأة العربية (تونس: مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، 2015)، ص 142.
[6] د.باقر النجار، المرأة في الخليج العربي وتحولات الحداثة العسيرة ( بيروت: المركز الثقافي العربي، 2000)، ص 117-122.
[7] د.باقر النجار، "الأسرة والتغيير الاجتماعي في المرحلة الانتقالية لمجتمع الخليج العربي،سلسلة الدراسات الاجتماعية والعمالية -المكتب التنفيذي، العدد 28 (1994)، ص 39.
[8] د.باقر النجار، "سوسيولوجيا إنتاجية العمل في مجتمعات الخليج العربي،مجلة شؤون اجتماعية، العدد 18 (1988)، ص14، 33-41.
[9] أحمد زايد، "الأسرة والمدينة والخدمات الاجتماعية: المنظور السوسيولوجي،سلسلة الدراسات الاجتماعية والعمالية-المكتب التنفيذي، العدد 36، ص41-43.
[10] أحمد زايد، "الأسرة والمدينة والخدمات الاجتماعية: المنظور السوسيولوجي،" سلسلة الدراسات الاجتماعية والعمالية-المكتب التنفيذي، العدد 36، ص 42.
[11] د.مصطفى حجازي، "التخطيط الاجتماعي لرصد وتلبية احتياجات الأسرة الخليجية،سلسلة الدراسات الاجتماعية والعمالية-المكتب التنفيذي، العدد 27 (1994)، ص 32-46.
[12] كدراسة المرأة العربية والتشريعاتتقرير تنمية المرأة العربية ( تونس: مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، 2015)، ودراسة حقوق المرأة في قانون الأحوال الشخصية الكويتية وأحكام القضاء الشرعي البحريني-الجزء العملي(البحرين: المكتب الاستشاري لرعاية الأعمال، 2009).
[13] المقصود دراسة د.فاطمة خفاجي، الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة: الفجوة بين التصديق والتنفيذ في البلاد العربية (القاهرة: الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، 2017).
[14] على سبيل المثال؛ يعاني لبنان من تعدد التشريعات والمحاكم في قضايا الأحوال الشخصية، وهناك حوالي 15 نظام للأحوال الشخصية خاضع لسلطة الطوائف، كما إن هناك معارضة شديدة لتبني قانون مدني موحد للأحوال الشخصية يقابلها نشاط مدني يطالب بقانون إلزامي مدني وآخرين يطالبون بأن يكون اختياري، فيما لم يتم التقنين بعد في المملكة العربية السعودية، للمزيد أنظر دراسة د.فاطمة خفاجي عن الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة: الفجوة بين التصديق والتنفيذ في البلاد العربية ص 54-56.
[15] د.فاطمة خفاجي، الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة: الفجوة بين التصديق والتنفيذ في البلاد العربية (القاهرة: الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، 2017)، ص41-42.
[16] الاتحاد النسائي البحريني، تأسس وتم إشهاره في 2/8/2006، وهو يتكون من أغلب الجمعيات النسائية باستثناء الجمعيات واللجان النسائية الإسلامية ذات التوجهات الدينية والمذهبية، وتعتبر أهدافه انعكاساً لأهداف الجمعيات النسائية.
[17] مجموعة باحثين، استطلاع للرأي حول تقنين أحكام الأسرة في مملكة البحرين (البحرين: مركز البحرين للدراسات والبحوث، 2005)، ص 3.
[18] باحثات من جمعية أوال النسائية، جمعية أوال النسائية النشأة والانجازات: دراسة وثائقية (بيروت: المؤسسة العربية للطباعة والنشر، مارس 1989)، ص45.
[19] المصطلح كما بدأ استخدامه من قبل الجمعيات النسائية التي شكلت لجنة الأحوال الشخصية عام 1982.
[20] مريم الرويعي، ورقة عمل دور الجمعيات النسائية في المطالبة بسن التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة، حلقة حوارية حول التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة مقارنة بين مملكة البحرين ودولة الكويت (البحرين: نفذتها جمعية المرأة البحرينية بنادي العروبة، 18 ابريل 2018).
[21] جمعية نهضة فتاة البحرين، تأسست عام 1955، كأول جمعية نسائية في البحرين والخليج، اقتصر نشاطها على العمل الخيري وتقديم المساعدات الاجتماعية، وامتد إلى محو أمية المرأة وإنشاء رياض الأطفال، ثم تعمق بالتوجه نحو قضايا الحقوق المطلبية والحقوقية للمرأة في التعليم والعمل وقضايا الأحوال الشخصية الحقوق السياسية. للمزيد أنظر: د.منى عباس فضل،كتاب التربية السياسية للبحرينيات ( بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008)، ص124.
[22] جمعية أوال النسائية، تأسست عام 1970 توجهت بانشطتها إلى المرأة في الريف وبرامج محو الأمية والتوعية الأسرية والاجتماعية، ثم القضايا الحقوقية. للمزيد أنظر: د.منى عباس فضل، كتاب التربية السياسية للبحرينيات ( بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008)، ص125.
[23] جمعية رعاية الطفل والأمومة، تأسست عام 1960 نشطت في العمل الخيري والرعاية الاجتماعية وبناء مؤسسات للرعاية الاجتماعية، للمزيد أنظر: د.منى عباس فضل، كتاب التربية السياسية للبحرينيات ( بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008)، ص124.
[24] فريدة غلام إسماعيل، عبدالله حداد، سامي سيادي، قانون أحكام الأسرة (البحرين: جمعية العمل الوطني الديمقراطي-وعد،مارس 2008)، ص82.
[25] الاتحاد النسائي البحرين، تقرير الظل حول اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (البحرين: شركة آر ميديا، سبتمبر 2008)، ص12.
[26] جمعية فتاة الريف، تأسست في 1969، ولم يتم إشهارها إلا في في 2001 بعد الانفتاح السياسي.
[27] منها حلقة نقاشية نفذتها جمعية نهضة فتاة البحرين بعنوان "رؤيا لواقع المرأة في قضايا الأحوال الشخصية" من 5-7 ديسمبر 1987، حيث ناقش فيها المشاركين مقارنة بين قوانين الاحوال الشخصية العربية، وقانون الاحوال الشخصية الموحد، وتقييم دراسة واقع الطلاق في البحرين وأثر المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية على بنية الاسرة البحرينية، إضافة لما قامت به الجمعيات النسائية الأخرى من دور في ذلك.
[28] التقارير السنوية ( البحرين: جمعية نهضة فتاة البحرين، 2014).
[29] المجلس الأعلى للمرأة، أنشئ بأمر ملكي عام 2001، مرجع للجهات الرسمية فيما يتعلق بشئون المرأة، يختص باقتراح السياسة العامة في مجال تنمية وتطوير شئون المرأة في مؤسسات المجتمع الدستورية والمدنية، وتمكين المرأة من اختصاصه وضع ومتابعة الإستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية وتقديم الاقتراحات بتعديل التشريعات الحالية المتعلقة بها ومتابعة تنفيذ السياسة العامة في مجال المرأة، يتبع مباشرة للملك وتترأسه قرينته، أنظر الموقع: <www.womwncouncil.gov.bh >، http://www.scw.bh/ >.
[30] مجموعة باحثين، استطلاع للرأي حول تقنين أحكام الأسرة في مملكة البحرين (البحرين: مركز البحرين للدراسات والبحوث ،2005)، ص 20.
[31] باحثات من جمعية أوال النسائية، جمعية أوال النسائية النشأة والانجازات: دراسة وثائقية (بيروت: المؤسسة العربية للطباعة والنشر، مارس 1989)، ص45.
 [32] دراسة: قانون الأحوال الشخصية للأسرة (البحرين: لجنة الأحوال الشخصية، 1983)، <http://musawasyr.org/?p=1500 >.
[33] لجنة العريضة النسائية: تأسست عام 2001 وكانت تضم عدداً من الناشطات، وعرفت بنشاطها في ملف إصلاح القضاء الشرعي وأداءه. للمزيد أنظر الموقع الإلكتروني:< http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=66858 >.
[34] محاكم الدرجة الأولى: تتكون من المحاكم الصغرى وكل محكمة فيها تتكون من قاضي شرعي منفرد، ينظر في أغلب طلبات المتقاضين مثل النفقة والحضانة والسكن، والمحاكم الكبرى التي تتكوّن كل محكمة فيها من ثلاثة قضاة شرعيين، واختصاصها قضايا الطلاق والميراث والهبة والوصية، كذلك محاكم الدرجة الثانية "الاستئناف" وتتكون من المحكمة الكبرى الإستئنافية التي تشتمل على ثلاثة قضاة شرعيين، وتنظر ما يستأنف أمامها من أحكام المحاكم الصغرى، والمحكمة الإستئنافية العليا وهي تتكوّن من ثلاثة قضاة شرعيين، للمزيد انظرhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=66858 >.
[35] مجموعة باحثين، استطلاع للرأي حول تقنين أحكام الأسرة في مملكة البحرين ( البحرين: مركز البحرين للدراسات والبحوث، 2005)، ص 21.
[36] الشيخ أحمد العطاوي، مدى الحاجة إلى تقنين أحكام الأسرة في محاكم البحرين الشرعية، أطروحة دكتوراره غير منشورة، )2004(، الفصل 8.
[37] مجموعة باحثين، استطلاع للرأي حول تقنين أحكام الأسرة في مملكة البحرين (البحرين: مركز البحرين للدراسات والبحوث، 2005)، ص 22.
[38] سيد أحمد أمير، "العمل البلدي ليس للمرأة،صحيفة الأيام، 18 اكتوبر 2005، ص9.
[39] البيان الختامي (البحربناللجنة النسائية في جمعية التوعية الإسلامية، 2005).hhh://www.islamtv.org./index2.php
[40] حيدر محمد، "عشرات الآلاف يهتفون لضمانات الأحكام الأسرية،صحيفة الوسط، 9 نوفمبر 2005.
[41] الاتحاد النسائي البحرين، تقرير الظل حول اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (البحرين: شركة آر ميديا، سبتمبر 2008)، ص12.
[42] المحرر الصحفي، "760 عقد طلاق في السنية و645 في الجعفرية،صحيفة الوقت، 2 فبراير 2010.
[43] للمزيد: أنظر الموقع الإلكتروني لوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف http://www.moj.gov.bh/ >.
[44] مصدر بيانات عام 2004 و2008: ياسر خميس/ مكتب التوفيق الأسري، "مناهضة العنف ضد الأسرة،ورشة لجمعية نهضة فتاة البحرين، 25-26 نوفمبر 2008، أما مصدر بيانات عام 2009: فهو المحرر الصحفي، "760 عقد طلاق في السنية و645 في الجعفرية،صحيفة الوقت، 2 فبراير 2010، ومصدر بقية البيانات موقع وزارة العدل الإلكتروني <http://www.moj.gov.bh/  >.
[45] الاتحاد النسائي البحريني، حقوق المرأة في قانون الأحوال الشخصية الكويتية وأحكام القضاء الشرعي البحريني: الجزء العملي (البحرين: مؤسسة فريدم هاوس، يناير 2009)، ص17.
[46] المحرر الصحفي، "المطالبة بإستراتيجية واضحة للجم العنف ضد المرأة،صحيفة الوسط، 25 نوفمبر 2010.
[47] فوزية جناحي ، مؤتمر-السيداو حقوق لا مزايا (البحرين: الاتحاد النسائي البحريني، 2015).
[48] المحرر، صحيفة الوسط، الاثنين 30 مارس 2015.
[49] تجدر الإشارة إلى تشكل لجنة من مشايخ السنة وقضاة الشرع وعضو المجلس الأعلى للقضاء في 4 أغسطس 2007 والتي انتهت من وضع مسودتها وملاحظاتها على مسودة قانون الأحوال الشخصية المعدة من الجهة الرسمية في يوليو 2008، لم يستجيب الجانب الجعفري للأنضمام للجنة، وقامت لجنة الأحوال الشخصية بزيارة بعضهم وعرضت عليهم المسودة ونوقشت معهم مسألة معارضتهم. كما خاطبت المجلس العلمائي وأرسلت إليه المسودة وجاء الرد بضرورة وجود ضمانة دستورية تضمن عدم المساس بالقانون من قبل البرلمانين وحصر أي تعديل بالمشايخ فقط. انتهت اللجنة في الجانب السني من وضع ملاحظاتها كما حصلت لجنة الأحوال الشخصية على ملاحظات من السيد جعفر العلوي من المجلس العلمائي وسلمت جميع الملاحظات بمعية قضاة وعضو حكومي إلى الديوان الملكي. ومن ثم حول مشروع القانون للبرلمان وأثيرت ضجة كبيرة حوله من الكتلة المعارضة للتقنين، فسحبت الحكومة القانون وأعادته للبرلمان ثانية ولكن في شقه السني فقط والذي صدر القسم الأول منه 2009. للمزيد راجع: مريم الرويعي، ورقة عمل "دور الجمعيات النسائية في المطالبة بسن التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة"، حلقة حوارية حول التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة مقارنة بين مملكة البحرين ودولة الكويت، نفدتها جمعية المرأة البحرينية بنادي العروبة، 18 ابريل 2018.
[50] تقرير الظل حول اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 4 (الاتحاد النسائي البحرين، يناير 2018)، "مسودة غير منشورة".
[52] المحرر، "الغريفي رداً على قانون الأسرة الموحدة،صحيفة الوسط ، 22 أبريل 2017.
[53] المحرر، "مشروع قانون الأحوال الشخصية المعد من اللجنة الشرعية بأمر ملكي،صحيفة الأيام، 7 يوليو2017.
[54] تقرير الظل حول اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 4 (الاتحاد النسائي البحرين، يناير 2018)، "مسودة غير منشورة".
[55] حسن إسماعيل، "نواقص أحكام الطلاق والخلع في قانون الأسرة،ورشة عمل في المنبر التقدمي حول قانون الأسرة رقم 19، نشرة التقدمي عدد 122 (ديسمبر 2017).