الخميس، 22 مارس 2018

متمردة لا عبدة


منى عباس فضل
هكذا صرخت "ميريل ستريب" التي أدت دور زعيمة حركة "السفرجيت Suffragette" البريطانية "إيميلن بانكهيرست"، وفي حشد غفير من النساء البريطانيات، مستنفرة الهمم وروح النضال وعبر صرختها المدوية التي غيرت مجرى التاريخ ومن إطلالة الشرفة الجميلة صرخت:

-  أفضل أن أكون متمردة على أن أكون عبدة.
                                  
رموز المعاناة والتضحية 
في زخم احتفالات "8 مارس" يوم المرأة العالمي الذي يذكرنا بنضالات المرأة وتضحياتها لنيل حقوقها وتثبيت مكانتها وتعزيز مساواتها بالرجل، تسنى لي قبل أيام مشاهدة فيلم "سفرجيت"، الذي كتبت حكايته "أبي مورغان" وهي مغمورة بشعور إنساني مرهف ومبدع قدمت من خلاله معالجات درامية متدفقة للوقائع التاريخية وتسلسل أحداثها، بالمقابل تمكنت مع مخرجة الفيلم البريطانية "سارة غافرون" من تجنب إبراز رائدات الحركة النسوية البريطانية وأغلبهن من الطبقة الوسطى أو الأعلى بأسلوب تقليدي، سردي وتلقيني، وعوضاً عنه؛ ركزت على نساء الطبقة العاملة في المصانع ومعاناتهن من القهر واللامساواة والاستغلال، لم لا وهن يمثلن منصة انطلاق النضال الجماهيري الذي برز في الحضور المكثف والطاغي لشخصية "مود" المرأة العاملة التي أدت دورها الممثلة "كاري موليغان" وذلك من خلال مسار حياتها الشخصية المتدفق بعاطفة كثيفة في أحداث الفيلم، فيما برزت الشخصيات الرائدات كمرتكزات وثائقية تاريخية يدور حولها السرد بصورة محفزة ومؤثرة عكسها الحضور الخاطف لزعيمة الحركة "إيميلن بانكهيرست – ميريل ستريب" الذي اقتصر على إطلالتها من الشرفة وهي تخطب بحماس في الحشد ثم اعتقالها، وكذلك شخصية "أميلي ديفيسون" التي ألقت بجسدها وضحت بنفسها في حلبة سباق الخيل كي تشهر الحركة برفع علمها لشد انتباه العالم.

تتمحور حكاية الفيلم حول قضية المرأة البريطانية والرائدات المنسيات في نضالهن الذي لم يكن يوما ما بعيدا عن كفاح نساء العالم للمطالبة بحقوقهن السياسية والاجتماعية والإنسانية، النضال الذي شكل الخطوات الأولية لانطلاقة الحركة النسوية البريطانية المطالبة بالحق السياسي في التصويت مطلع القرن العشرين، وقد واجهت فيه النساء وحشية وعنف وازدراء من بعض فئات المجتمع، كما تميز الفيلم بتصوير خلفية المشاهد في أجواء تلك الفترة في بريطانيا بكثافة الضباب وألوان الشتاء الكئيبة ومكان الغسيل وسط أبخرة الماء الحار وحركة الآلات وحبائل الغسيل وأكوام الملابس المعلقة وطرقات الحي الخلفية، إلى جانب ذلك استثمار قضية اجتماعية وحقوقية وسياسية بشكل متدفق ومؤثر استطاع القائمون عليه من توصيل رسالة قوية مفادها: أن المعاناة تعني المطالبة بالحقوق والأخيرة تستوجب التضحيات.


نضال عفوي بقوة وثبات
كان أداء الشخصيات الرئيسية كـشخصية "مود" عنواناً فاقعاً لواقع التهميش ونمودجاً للفقر والقهر الذي عانت منه النساء البريطانيات ومن ينتمى بعضهن إلى طبقات اجتماعية مختلفة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فـ "مود" تعمل في مغسلة ملابس وكي حيث المكان مشبعٌ بوضع غير لائق صحياً وفي بيئة تغصّ ببؤس العاملات اللاتي يتعرضن للتمييز فيما يتقاضينه من أجور وساعات عمل وقسوة وتحرش جنسي من رب العمل، وفي نضالها العفوي التلقائي وغير الواعي تتعرف "مود" على حركة "سفرجيت" من خلال أحد قياداتها وهي الممثلة "آن ماري دوف" التي جسدتها شخصية "فيوليت" زميلتها التي تتعرض للاضطهاد في العمل بسب مواقفها. في لحظة فارقه أعلنت "مود" بأنها سترافق "فيوليت" إلى مبنى البرلمان للإدلاء بشهادتها عن واقع عملها كامرأة أمام وزير الخزانة "ديفيد جورج" ولجنة برلمانية، وبسبب تعرض الأخيرة للضرب لمنعها من الإدلاء بتلك الشهادة، تضطر "مود" وبإلحاح من زميلاتها أخذ دور "فيوليت" وتدلي بشهادتها أمام اللجنة، شهادة كانت معبرة عن اللامساواة وظروف العمل القاسية وعن البؤس والعوز والمعاناة المتوارثة عن الأمهات. 

تتسارع الأحداث التي تقود "مود" إلى قلب حركة "السفرجيت Suffragette"، المعروف أنها بدأت نشاطها بتنظيم اعتصامات وحملات سلمية من النساء العاملات للمطالبة بحق المرأة البريطانية في التصويت، فيما أخذ الحراك طابعاً متوتراً وحاداً عنيفاً فيما بعد، والسبب يكمن في محاولة لفت الانتباه لحقوق المرأة لاسيما بعد أن تجاهلت الصحافة نضالهن وخذلهن رئيس الوزراء الذي وصفوه "بالكاذب" حيث وعدهن بالنظر في منحهن حقوقهن السياسية كذلك البرلمان الذي رفض منح حق التصويت للنساء.

في موقع الاحتجاج بالشارع وفي لحظة إلقاء رئيس الوزراء كلمته، تتعرض المحتجات المطالبات بحق التصويت للضرب بوحشية ويعتقل عدد منهن ومن ضمنهن "مود"، فيكون اعتقالها بوابة واسعة المدى لانخراطها بقناعة في حركة "السفرجيت" ولتقلب رأساً على عقب تفاصيل حياتها الأسرية الرتيبة التي تعيشها مع زوجها الذي وقف ضدها، فقد أدى اعتقالها إلى سخطه وطلاقه منها وحرمانها من ابنها الصغير، ففي السياق الاجتماعي الذي كانت تطالب فيه النساء بحق الاقتراع كان القانون البريطاني آنذاك يمنح الآباء سلطة كاملة على أطفالهم وينتزع حضانتهم من أمهاتهم، وهذا ما فعله زوج "مود" حين انتزع منها ابنها الصغير الذي فشل في تحمل مسؤوليته ورعايته والمحافظة عليه فلجأ إلى منحه إلى أسرة أخرى للتبني.

في الأثناء أصبحت "مود" ورفيقاتها في الحركة تحت مجهر وأنظار الشرطة السرية التي كانت تتبع تحركاتهن وتحصي أنشطتهن، وحين تعددت مرات اعتقالهن أضربن عن الطعام احتجاجاً على احتجازهن كسجينات سياسيات، وعلى رغم الضغوط ولحظات الضعف والألم الذي عانت منه إلا إنها كانت أكثر ثباتاً وقوةً حين واجهت رب العمل المتحرش ومفتش الشرطة الذي عرض عليها الإفراج نظير التعاون معه ورفضته، فكل هذا وذاك جعلها أكثر قناعة للانخراط في النشاط النضالي المنظم "للسفرجيت".
 
أساليب نضالية
تكشف الأحداث التاريخية أن حركة "السفرجيت Suffragette" انتهجت أسلوباً أكثر حدةً وعنفاً في نضالها اليومي، كإحراق صناديق البريد وتكسير نوافذ المحال التجارية بالأسواق وتفجير بعض الأهداف كخطوط الاتصال وبعض منازل المسؤولين غير المسكونة، وبرغم اعتراض بعض النقاد على لجوء الحركة إلى الأساليب النضالية العنيفة إلا أن بعض المؤرخين وجدوها بمثابة الإعلان عن بدء مرحلة جديدة باتت فيها المرأة تستخدم أدوات ووسائل مختلفة وغير تقليدية للمطالبة بحقوقها، لاسيما وإن نضال النساء في صفوف "السفرجيت Suffragette" وكحركة تصدرت المطالبة بحقوق المرأة عامة وحقها السياسي في الانتخاب والترشح خاصة، لم يكن منفصلاً عن النضال الإنساني والحقوقي، فقد تأثر وتزامن مع بروز الثورات وحركات التحرر في عصر التنوير وارتبط  بالثورة الصناعية وسيطرة الرأسمالية في الغرب، وانتشار النظريات العلمية والأفكار والمبادئ التي نادت بالعدالة الاجتماعية والحرية وحراك التنظيمات الاشتراكية التي ركزت في نضالها على أصحاب الأعمال، كما تميزت من جهة متصلة بمرحلة تطور حراك المرأة وتنوع مطالباتها بالحقوق السياسية والاجتماعية التي تصدرتها اضرابات وتظاهرات عاملات النسيج في نيويورك احتجاجاً على ظروف العمل اللاإنسانية والمطالبة بتحسين ظروف العمل بخفض ساعاته ورفع الأجور وحق الاقتراع.  

الخلاصة ثمة دروس وعبر يمكن استلهامها من أحداث الفيلم، أن تحرر النساء والمطالبة بمساواتهن هو جزء لا يتجزأ من معركة اجتماعية تنموية تخوضها المرأة في إطار النضال الوطني التحرري وضد الممارسات الاستبدادية والدكتاتورية راعية القهر والتهميش، وهي لا تنفصل عن قضايا المطالبة بالديمقراطية والحريات والعدالة وإن طريق المعركة الاجتماعية صعب وليس ترفاً مفروشاً بالورد، ذلك لأنه يواجه في بعض المنعطفات التاريخية بالعنف المضاد الضارب بيد من حديد على أنفاس المطالبين بالحقوق والحريات وبوقف الفساد واللامساواة.

المنامة - 22 مارس 2018
منى عباس فضل

Pankhurst once said: "The condition of our sex is so deplorable that it is our duty to break the law in order to call attention to the reasons why we do."[56]
After selling her home, Pankhurst traveled constantly, giving speeches throughout Britain and the United States. One of her most famous speeches, “Freedom or death”, was delivered in Connecticut in 1913.

Pankhurst is arrested by police outside Buckingham Palace while trying to present a petition to George V in May 1914.

Pankhurst (wearing prison clothes) described her first incarceration as "like a human being in the process of being turned into a wild beast."[62]

Pankhurst was horrified by the screams of women being force-fed during hunger strikes. In her autobiography she wrote: "I shall never while I live forget the suffering I experienced during the days when those cries were ringing in my ears."[79]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق