منى عباس فضل
المرأة البحرينية في مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية؛ حيوية وملهمة تستجيب للتغيير وتتفاعل معه، يكمن وراء ذلك النهوض وعي نسبي ونوعي تتمتع به وشكل عنصراً مهماً لاستجابتها لأي حراك سياسي، واجتماعي، وثقافي، واقتصادي.
هي حاضرة في مراحل تاريخ الوطن المفصلية، بل ومتميزة؛ لم
يكن وضعها هذا اعتباطاً ولا رد فعل لأوامر فوقية بقدر ما هي تجارب نساء البحرين
التي تراكمت عبر عقود من الزمن وأفرزت ما نراه اليوم.
لا منة لأحد ولا مكرمة عليها في تبوءا هذه الصدارة والمكانة
والسمعة التي أخذت مداها على المستوى المحلي والعربي والدولي، فهي التي استجابت
للتعليم مع افتتاح أول مدرسة نظامية عام 1928 وغرست بذور الوعي السياسي
والاجتماعي من خلال مشاركتها في انتفاضة الخمسينيات التي قادتها هيئة الاتحاد
الوطني، وخاضت معترك الثورة الاجتماعية والثقافية على مدى عقود والحال امتد معها
إلى الانتفاضة العمالية في 1965، كما شاركت بتجاربها في دهاليز العمل السياسي
التنظيمي السري بشجاعة وصلابة وتميز والتزام لافت قادت فيه الأطر والتشكيلات التي
لا يتناولها أقرانها.
كما برزت في انتفاضة 1972 وفي التسعينات وفي الحراك الشعبي في 2011، هي حاضرة كمهنية مبدعة
ومتألقة في مهن القطاع العام الخدماتية خصوصاً التعليم والصحة، وفي القطاع الخاص بالمصارف
والمصانع وهي المعلمة والأكاديمية والمهندسة والطبيبة والقانونية والمبدعة في
الثقافة والفن والكتابة والتأليف والأعلام... إلخ، هي التي مثلت البحرين في المحافل
الدولية سواء بتمثيلها الرسمي أو ذاك الذي تأسس من خلال مواقفها ومهنيتها التخصصية على المستوى الشخصي في كافة المجالات فهي حاضرة في المنتديات والمؤتمرات وهيئات المنظمات
الدولية، والأهم من هذا وذاك هي الأم الحنون والزوجة الأصيلة المبدعة والمخلصة
التي تقف كتف بكتف مع شريكها ومع كافة أفراد أسرتها، إن صورة المرأة البحرينية
المشرفة اليوم مثيرة للدهشة وتستحق التأمل كونها تمثل ظاهرة عصرية نوعية من حيث
التجربة والإلهام في العطاء والالتزام والتمييز والتعاطي بمرونة مع الصعاب والتحديات التي تواجههها خصوصاً في مجالات شح فرص العمل أمامها وارتفاع نسب العاطلات بين النساء البحرينيات.
يحق
لنا في يوم المرأة البحرينية أن نستحضر سيرة من غاب عنا من الجدات والأمهات ومن رائدات
العمل النسائي والتنموي والحقوقي والسياسي ومن لازلن بيننا وليطيل الله في أعمارهن، المرحومة السيدة عايشة يتيم والشيخة لؤلؤه آل خليفة والسيدة فائقة المؤيد، وليلى فخرو وعزيزة
البسام وسيدة العطاء والثبات كما شعرت وأحببت أن أصفها في يوم رحيلها وداد المسقطي
وأختنا الراحلة الدكتورة كوكب أبو أدريس، وتلك التي كانت عصية على الكسر معلمة الأجيال الراحلة الأستاذة حصة الخميري، ومن ضحين بأرواحهن كبهية العرادي، ومن يتلظي من معاناة الاغتراب ومن
غياب أحبائهم خلف الأسوار، ومن الحاضرات بيننا الدكتورة الرائعة منيرة فخرو
ملهمتنا في الصلابة والبساطة والوعي الوطني الصادق وللصديقة الإعلامية العربية الأممية
التي أثبتت جدارتها بكفاءتها ونقاء وعيها في إدارة أصعب وأعقد الملفات السياسية
الدولية، ذات النبض الإنساني العميق خولة مطر؛ والدكتورة سبيكة النجار والدكتورة
صالحة عيسان والسيدة فوزية مطر وغيرهن الكثيرات الكثيرات اللواتي أضئن سماء الوطن
بتضحياتهن وعطاءهن.
وحتى لا يكون الاحتفال بيوم المرأة البحرينية 1 ديسمبر مجرد مناسبة شكلانية مفرغة من مضامينها، لنتأمل في تجارب المرأة البحرينية وعطاءها بعيداً عن المنظور النخبوي الخطابي السائد؛ فاستحقاقات البحرينيات لاتزال على أولوية أجندة العمل النسائي البحرينية، لقد تحقق الكثير، ولازلنا أمامنا الكثير لتحقيقه كحلم لا يخامره الخوف والقنوط بل في وطن لا يرجف فيه الأمل.
منى عباس فضل
المنامة - 1 ديسمبر 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق