الأربعاء، 24 مارس 2021

المرأة البحرينية في قمرة القيادة

 

د.منى عباس فضل

إن الحديث عن تحقيق تقدم للنساء في القيادة في إطار احتفالات هذا العام بيوم المرأة العالمي وتحت شعار: "المرأة في القيادة: تحقيق مستقبل متساو في عالم COVID-19"، يشكل تحدياً كبيراً في التعاطي مع قضية تمكين النساء ومشاركتهن في اتخاذ القرارات في الحياة العامة بصورة كاملة وفعالة من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، لم لا والفجوة الجندرية في كافة المجالات ولاسيما في سوق العمل عالمياً تعد كبيرة ونوعية وهي تبعاً لمنظمة العمل الدولية تمثل قرابة "26.7%" مقارنة بمشاركة الرجال بنسبة "76.1%"، على الرغم من أن المرأة تشكل أكثر من نصف سكان العالم، ومساهمتها في النشاط الاقتصادي والنمو والرفاهية لا تزال أقل بكثير من المستوى المأمول، ورغم زيادة مشاركتها في الحياة العامة، فلا يزال تمثيلها ناقصاً في جميع جوانب صنع القرار، وهذا تحد يمس عمق أهداف التنمية المستدامة ولا يمكن التهوين به.

على نحو مواز ثمة مسألة تبرز بوضوح؛ تتمثل في الجهود الرائدة والهائلة التي بذلتها النساء والفتيات في كافة أنحاء العالم سعياً وراء تحقيق التمكين والمساواة من خلال المشاركة الفعالة والكاملة للمرأة في صناعة القرار وفي الحياة العامة والقضاء على العنف والحصول على الفرص المتساوية في العمل اللائق والأجر والرعاية غير المدفوعة والعمل المنزلي، فضلاً عن الخدمات الصحية التي تستجيب لاحتياجاتهن.

اليوم تقف النساء في الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة في مجال المساندة والرعاية الصحية فهن المبتكرات والمخترعات ومن يديرن المشافي والمنظمات المجتمعية، والأضواء مسلطة على مساهماتهن وتضحياتهن وعلى الأعباء والمخاطر التي يتحملنها، وهذا يبرز جلياً من خلال المهارات والمعارف التي تتمتع بها القيادات النسائية ومنظماتهن وشبكاتهن الفعالة والمستجيبة لظروف الجائحة ومتطلباتها. اللافت؛ أن هناك قبولا مجتمعياً أكثر مما مضى لخبرات النساء ووجهات نظرهن ومهاراتهن ومساهماتهن التي لا غنى عنها في صياغة السياسات والقوانين والإجراءات وإن لم يترجم ذلك فعلياً ليحقق  مبدأ المساواة.

محلياً وعلى ذات النسق، سنواجه تحدياً آخر حين مقاربة المتحقق للمرأة البحرينية في القيادة عامة لاسيما عند النظر للخطاب الرسمي والأهلي على السواء، فالخطاب الرسمي ما برح يركز الأضواء على الأرقام والنسب التي ينشرها للدلالة على تعظيم الإنجازات المتحققة في تمكين المرأة والوصول بها إلى مواقع صنع القرار، بل ويسوغ لها من خلال صف عدد المبادرات والمؤشرات المنجزة لمقاربة المتحقق، فضلاً عن التشريعات التي بذل جهداً في سنها وإقرارها إلى جانب كم من التدابير والإجراءات الإدراية سواء أكان ذلك قبل الجائحة أم أثناءها، والتي يأتي على قمتها إقرار الاستراتيجية الوطنية لنهوض المرأة البحرينية وما تمخض عنها من مبادرات كـ"لجنة تكافؤ الفرص" ورصد الموزانات المراعية للنوع الاجتماعي وتعيين بعض الوجوه النسائية في بعض المواقع وغيرها من سياسيات ومبادرات.

أما خطاب المؤسسات الأهلية وخصوصاً النسائية منها التي تقف في طليعة المؤسسات المستجيبة لشعار "المساواة بين الجنسين"، ما برحت هي الأخرى تصف وتسهب في العرض والشرح بشأن دورها ومساهمتها وتبعاً لإمكانياتها المحدودة في الإرتقاء بواقع المرأة وتمكينها والوصول بها إلى الوضع الريادي في المجتمع؛ فضلاً عن المعيقات التي تتعرض إليها من تهميش واستبعاد يحد من قدرتها في الوصول إلى مصادر التمويل واستشارتها بشكل فعلي وفعال فيما يتعلق بالسياسات والتشريعات وتنفيذ الالتزامات الدولية والوطنية المتعلقة بالمرأة والمساواة، يضاف إليها الشكاوى المتعلقة بالقيود التشريعية والإجرائية القسرية التي تحد من ترشح عضواتها الفاعلات في المناصب الإدراية والقيادية في مجالس إدارات مؤسسات المجتمع المدني كافة، بسبب انتمائاتهن السياسية وتاريخ نشاطهن في الشأن العام، كل هذا وذاك يقودنا إلى السؤال:

 - عن مدى كفاية المتحقق وانعكاسه على وجود فعلي وفعال للمرأة البحرينية في قمرة القيادة؟ وعن مدى مشاركتها الفعلية في صنع القرار وبتساو مع الرجل في كافة المجالات وبمقاربة تكاملية اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وبيئية حسب الالتزامات والمعايير الدولية المعتمدة للمساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص في العمل والدخل والملكية والجنسية والتعبير والمشاركة السياسية؟ 

 للإجابة على التساؤل لابد من مقاربة الواقع القيادي للبحرينيات من خلال قراءة نتائج الدراسات والبيانات الاحصائية المتوفرة بموضوعية وبرؤية نقدية، فضلا عن التحليل النقدي للعوائق والعقبات والبحث في ماهية الصعوبات الشكلية منها والنوعية التي يصعب تجاوزها وتمنع من توسعة فرص المرأة للوصول إلى المناصب القيادية العليا والمستويات الإدارية المتقدمة في كافة المجالات والقطاعات.

وهذا ما حاولت الورقة البحثية المرفقة أن تتناوله برؤية نقدية استناداً إلى نتائج دراسات ومسوحات بحثية وبيانات احصائية متوفرة من خلال أربعة محاور رئيسية أولها: تمكين النساء بين السقف الزجاجي والإرضية اللزجة، والثاني: البحرينيات والسقوف الزجاجية، والثالث: نظرة فاحصة للنسب المتحققة للبحرينيات في القطاع العام والمواقع القيادية والقطاع الخاص ونوعية الوظائف وفجوة الأجور بين الجنسين وريادة سيدات الأعمال فيما تضمن المحور الرابع على العوائق التي تقف بين النساء وبين منصات القيادة وهي تشتمل على خمسة عناصر أساسية هيكلية قانونية متحيزة ضد المرأة، وعوامل تتعلق بمسؤوليات العمل والرعاية الأسرية وعوامل اجتماعية وثقافية تنميطية وذاتية تتعلق بتصورات المرأة لذاتها إضافة إلى صعوبة التمول ومحدودية التشبيك وعوامل تنظيمية مؤسسية، وتتنهي الورقة بخلاصة تتضمن بعض المقترحات التي تمثل أولوية للتسريع في تحقيق هدف المساواة بين الجنسين في أجندة التنمية المستدامة 2030، وعليه يمكنكم الاطلاع على تفاصيل الورقة البحثية؛ 

         من خلال الضغط هنا 


د. منى عباس فضل 

المنامة - 24 مارس 2021 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق