منى عباس فضل
ظاهرة انتشار نشر غسيل
الملابس العشوائية على شرفات الشقق ونوافذ المباني السكنية المطلة على الشوارع الرئيسية
في المدن والأحياء الشعبية الضيقة، ليست بظاهرة محلية جديدة، فهي لم تعد غريبة في
مدينة تضج بانتشار العمالة الأجنبية بشكل عشوائي وغير منظم إثره تراجعت فيه نسبة
المواطنين إلى حدود "45%" مقارنة بالوجود الأجنبي حسب أحدث إحصائية لهذا العام صادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية.
هذه الظاهرة تثير الحنق
والاشمئزاز؛ لم لا والطرقات الرئيسية وشوارع الفرجان الضيقة تمتلئ بالقاذورات
والأوساخ والأتربة والمخلفات لاسيما تلك التي لا تطالها قدم الرقيب ولا ضميره، ومظاهر
الفقر الذي تعاني منه العمالة الأجنبية الآسيوية في بلدانها ينتقل معها في زوايا المساكن
والغرف الضيقة التي تفتقد إلى أبسط ظروف الحياة الآدمية والإنسانية، كما تنقل معها
دون أدنى شك السلوكيات التي تحتاج إلى ضبط
واتخاذ اجراءات ضرورية ولازمة.
الصورة التي التقطناها اليوم
دليلها فاقع، حيث تحول مبنى صغير كان يوما ما مطعماً إلى سكن يكتظ بعدد غير معلوم
من العمال الآسيويين ممن لا يجد فيه هؤلاء الفقراء البائسون مكاناً يلوذون به كي
تصل فيه الشمس إلى غسيل ملابسهم غير واجهة هذا المبنى الذي يقيمون فيه، وهو يطل على
شارع رئيسي وداخلي لمنطقة السهلة وسط العاصمة المنامة فضلاً عن نشر بعضها الآخر
على ألواح معدنية في الناصية المقابلة للشارع والمغبرة بالتراب. يحدث ذلك دون أدنى
اعتبار للمظهر الحضاري والجمالي الذي يكثرون الحديث عنه للإرتقاء بمستوى المدن
والأحياء، منظر يفتقد للذوق العام ولا يليق بمدن نتغنى دوماً بعمرانها وتمدنها.
في بلدان تُحترم فيها
القوانين التي تحرص على جمالية المدن كسنغافورة مثلاً يمنع نشر الغسيل في واجهة
المباني والأماكن العامة ومن يخالف يغرم بمئات الدولارات، دول أخرى نالها قسط كبير
من التحضر لجأت إلى سن تشريعات صارمة تحدد أماكن نشر الملابس على أسطح المنازل
والشرفات وبما يضمن سلامة مظهر الطرقات والأحياء والشوراع العامة، بل يعتبر أن من
يقوم به مرتكباً لمخالفة يعاقب عليها القانون، لم لا وظاهرة نشر الغسيل العشوائي ظاهرة
غير حضارية وتؤثر سلباً على جمالية المدن وأحيائها.
بلدية نيقوسيا عاصمة
قبرص فرضت غرامة مئة دولار على المخالفين الذين ينشرون غسيل ملابسهم الداخلية بشكل
غير ملائم في الهواء الطلق وفي الشوارع العامة أو الضيقة للمدينة، أما في
نيوزيلندا فالقانون صارم ويمنع سكان الشقق من تعليق غسيلهم في الشرفات المطلة على
الشوارع وسط المدينة، وليس أقل من ذلك في أبوظبي حيث تصل المخالفة إلى 1000 درهم
وقد تتضاعف في حال التكرار وإلى 250 درهماً في الشارقة، كما يفرض المغرب 100 درهم
مغربي على صاحب كل منزل أو شقة لا يحترم معايير البيئة والنظافة، والأمثلة
كثيرة.
وإذا باشرت البحرين منذ فترة
في تنفيذ العديد من الحملات لإزلة المنشآت المخالفة ككبائن الصيادين البحرينيين من
بعض السواحل والمنافذ البحرية، كما تعين على بعضهم دون الآخر إزالة ما أطلق عليه بالتعديات والإنشاءات
المخالفة المقامة على الطرق العامة ومظلات السيارات وسقائفها وكراجات الصفيح
وسلاسل الحديد التي تحجز المواقف العامة بطريقة عشوائية وغير قانونية، فالأحرى والأجدى
أيضاً بأن تستكمل الجهات المعنية معروفها للقيام بجولات تفقدية مستمرة وغير موسمية للوقوف على
الظواهر السلبية المنتشرة كنشر غسيل الملابس كما في الصور المرفقة والتي تشوه المشهد
العام، إلى جانب قيامها بحملات نظافة لا تقتصر على الاماكن التي تمثل واجهات سياحية
فقط وإنما للساحات العامة والشوارع الداخلية وأرصفتها في الضواحي الضيقة والقرى المنتشرة
في طول البلد وعرضها حيث يقيم المواطنون وحيث تشح في بعضها الرعاية المنتظمة.
الأهم استمرار الرقابة
على سلوكيات العمالة الأجنبية المتدفقة بلا حساب ولا مسؤولية تجاه البيئة المحلية خصوصاً
السائبة منها التي تنتشر في الأزقة وتقيم في الأحياء القديمة وباكتظاط شديد وخطير
في تأثيراتها الاجتماعية والبيئية والتي تزيد بالطبع من ظاهرة انتشار نشر الغسيل
العشوائي بصورة غير حضارية، فهذا الوجود في محصلته النهائية يشكل حزاماً من أحزمة الفقر
الذي لا ينتج غير البؤس والعوز ويكون مصدراً للحرمان والأمراض ولكافة المظاهر الغريبة
التي تخل بأوضاع مجتمعاتنا المحلية الصغيرة وتزيدها تعقيداً.
منى عباس فضل
المنامة- 3 نوفمبر 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق