منى عباس فضل
انطلقت
فكرة كتاب "غرق الحضارات" لأمين معلوف من بطن كتابه السابق "اختلال
العالم"، فعالم ما بعد انهيار جدار برلين لم يعاد بنائه كما يقول، لماذا؟ لأن
الدولة الكبرى الوحيدة والمكلفة عالمياً بالبناء وهي الولايات المتحدة، فشلت في
إعادة بناء العلاقات الدولية لتأمين استمراريتها، وهذا بحد ذاته أدى إلى أزمات
كبرى تساهم في غرق الحضارات.
أما ما يؤرقه ويقض مضجعه؟ فهو"مشهد غرق
سفينة التيتانيك المتلألئة الواثقة من نفسها، المشهورة بأنها لا تغرق، وتحمل على
متنها أعداداً غفيرة من الركاب من جميع البلدان والطبقات الاجتماعية وتمضي وسط
الصخب نحو هلاكها..تماما كما يحدث لسفينة البشر حالياً. يرى أمين بهلع جبال الجليد
تلوح أمامه، ويتضرَّع إلى السماء بورع على طريقته، أن ننجح في تفادي الغرق، بيد
إنه يشكك في ذلك معترفاً، بأن قمرة قيادة سفينة البشر قد غرقت عملياً، وأصبحت
البشرية جمعاء غريقة، فالأخطار التي حذر
منها وصلت إلى حدها الأقصى، إنها مرحلة دفع الفواتير، التي يفتقد فيها العالم لأي
سلطة لها مصداقية معنوية، الولايات المتحدة فقدت مصداقيتها معنوياً وسياسياً وأوروبا
التي راهن عليها بتأمين دوراً سياسياً ومعنوياً، تراجعت وبدأت تتفكك مع تصاعد
التيارات اليمينية التي تشكك في المشروع الأوروبي وترفضه. إنها أحد أسباب الغرق يضاف
إليها أسباب عديدة كصعود الهويات الضيقة؛ وما ساهم به عالمنا العربي في نشر
الظلمات.
مع هنتنغتون وضده
محاور الكتاب وتحليلاته مثيرة للجدل
والاختلاف، بل وتشتت القارئ بين قضايا إشكالية معقدة ومتشعبة، يتداخل فيها الخاص بالعام،
حيث لا يخفي معلوف بأن كتابه جاء رداً غير مباشراً على تنظيرات المفكر الأمريكي هنتنغتون
"لصراع الحضارات"، صحيح اتفق مع الأخير في تنبؤه بتفشي ظاهرة الانعزال والردة
إلى الهويات الأصلية "الضيقة" وإن الشعوب تستند على الدين في علاقتها مع
المختلفين معها عقائدياً، بيد إنه يختلف معه حول "صراع الحضارات"، وعبر
عن هذا التباين بقوله "لسنا في عالم تتصارع فيه الحضارات، إنما عالم تنهار
فيه كلياً الحضارات، القوي منها والضعيف، الحضارات ذات الدور العالمي الواضح أو نقيضها،
المنتصرين منهم والمهزومين، جميعهم في حال تراجع وإنهيار"، كما يرد عليه بإن
العالم الإسلامي لا يجسد وحدة متماسكة موحدة كما يفترض، إنما هو ميدان للمعارك
والحروب، فقد وقع الصدام من داخل الحضارة الإسلامية نفسها حيث تتصادم الحركات
الأصولية المتشددة وتفرز حروباً أهلية وهويات قاتلة.
من موطني انتشرت
الظلمات
كشاهد تتشابك لدى معلوف القضايا والمآسي التي
تمس الوجدان العربي، من قضية فلسطين إلى القومية والوحدة العربية وفشل المشروع
النهضوي، فهو تارة يصف أحكامه "بالانطباعات" معتبراً "بأن ما حدث
في الدول العربية ساهم بشكل ما في خلق شئ غير صحي في بقية العالم"، وأحياناً يقيسها
بأحكام يقينية مطلقة مؤكداً بأن "الظلمات انتشرت في العالم عندما خَبَت أنوار
المشرق؟.."من موطني الأصلي الذي ولدت فيه أقدم الحضارات، بدأت تنتشر الظلمات"،
ومنه ينطلق في تحليله الذي يتداخل فيه الخاص
بالعام من خلال استعادة ذكرياته في نموذجين تناول تفاصيلهما عبر العيش في هواجس
مصر والترحم على طبيعة الحياة التي سادت فيها في الخمسيينات وقبل الثورة، وفي حالة
التعايش التي زخر بها لبنان في فترة ما من تاريخه وكتب: "كان البلد يملك
مقومات حقيقية، وفي طليعة بلدان المنطقة بفضل مدارسه وجامعاته وصحفه ومصارفه
وتقاليده التجارية، يتميز بحرية تعبير كبيرة، وانفتاح شديد على الشرق والغرب معاً،
وبإمكانه الإرتقاء بالعلم المشرقي والعربي بأسره وإلى مزيد من الديمقراطية
والحداثة، لكنه اقتيد إلى الحضيض، إلى مزيد من العنف والتعصب، والشقاء والتخلف،
إلى فقدان كل ثقة بالنفس وكل رؤية للمستقبل".
في مقاربته لتأثير اكتشاف النفط على المشرق
العربي يقول "استحدث موجة هجرة نحو البلدان النفطية التي كانت قريبة
جغرافياً، حيث يستطيع المرء أن يكسب عيشاً كريماً، بل والأكثر شطارة، أن يغتني
سريعاً، إنما لا أكثر من ذلك" في دلالة مضمرة إلى طبيعة البيئة الجدباء
والقاحلة التي تفتقر وقتها للحياة الثقافية والحريات والصحافة والعمل السياسي وقبول
الآخر، "..كان المرء يكدح فيها، ويحلم بصمت، ويسكر خفية، ثم يستسلم للاستهلاك
الجامح"، وأضاف بأن عقوداً من تصدير
النفط أدت إلى عدم الاستقرار السياسي والثقافي في الشرق الأوسط، وإن أموال
البترودولار منحت بعض المجتمعات التقليدية نفوذاً سلب من المجتمعات الأخرى،
فالسعودية ازداد نفوذها على حساب مصر التي لا تمتلك نفطاً لكنها تلعب دوراً
ثقافياً وسياسياً هاماً، وقد شهدت تراجعاً لدورها، فمنذ الخمسينيات في وادي النيل
زادٌ من نوع آخر، يتمثل في ميادين الموسيقى والأدب وفنون كثيرة أخرى وقد شهدت
ازدهاراً حقيقياً وكان جميع المهاجرين إليها من كل الأصول والطوائف يشعرون بأنفسهم
مدعوين للانخراط فيها شأنهم في ذلك شأن
السكان المحليين، وسينتشر إشعاع هذه الحركة، انطلاقاً من المشرق واللغة العربية،
إلى عوالم ثقافية أخرى، مصر بلد استثنائي، كان يعيش حقبة مميزة من تاريخه"، ويستطرد
"بأن البترودولار جلب عدم الاستقرار للكثير من دول المنطقة كالعراق كما أثر
على العالم بأسره، لاسيما أثناء أزمة النفط في سبعينيات القرن الماضي وساهم بظهور
النهج الاقتصادي التاتشري".
لكن ثمة حاجة للتذكير بأن مناقشته لقضية النفط في سياقاته الموضوعية تعاني من قصور التحليل والانتقائية، هناك متغيرات نوعية جرت على مجتمعات النفط، لم يكن متعمقاً في تناول عناصرها وربطها ببعضها البعض وبالواقع العربي إجمالاً بل وبنشأة التيارات المتشددة والدولة الرعوية وعلاقتها بالمواطنين فضلاً عن تحالفاتها الدولية التي شكلت صمام أمان لاستمرارها وبروز ظاهرة الهجرة لهذه المجتمعات وانعكاساتها، إنها دوائر تتشابك وتتفاعل مع بعضها البعض تؤثر وتتأثر ولا يجوز اسقاطها من اعتبار أي باحث ومنقب موضوعي.
لكن ثمة حاجة للتذكير بأن مناقشته لقضية النفط في سياقاته الموضوعية تعاني من قصور التحليل والانتقائية، هناك متغيرات نوعية جرت على مجتمعات النفط، لم يكن متعمقاً في تناول عناصرها وربطها ببعضها البعض وبالواقع العربي إجمالاً بل وبنشأة التيارات المتشددة والدولة الرعوية وعلاقتها بالمواطنين فضلاً عن تحالفاتها الدولية التي شكلت صمام أمان لاستمرارها وبروز ظاهرة الهجرة لهذه المجتمعات وانعكاساتها، إنها دوائر تتشابك وتتفاعل مع بعضها البعض تؤثر وتتأثر ولا يجوز اسقاطها من اعتبار أي باحث ومنقب موضوعي.
ومنه قادت المعطيات السابقة معلوف إلى حصيلة
واحدة؛ ربط فيها الاخفاقات في مسار النهضة
العربية ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، باختار العالم العربي "للطريق الخطأ"،
فقد عجز عن الانحراط الفعلي في دعوات الإصلاح والاستجابة للتحديث، وبقيت المجتمعات
أسيرة الماضي، رافضة المساهمة في الحضارة الجديدة. هنا يؤخذ عليه تجنب كشف دور
الاستعمار في إبقاء الوضع هشاً ومضطرباً بفعل تدخلاته واستمراره في سرقة ثروات
الشعوب العربية والتآمر عليها بالتحالف مع أنظمة الاستبداد والدكتاتوريات، بل تجاهله
لدوره عند تقرير مصير الأراضي العربية التابعة للإمبراطورية العثمانية المهزومة في
الحرب، وكيف لعبت بريطانيا وفرنسا لعبتهما القذرة برسم حدودها وتفكيكها إلى مناطق
نفوذ لها، وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين، فكانت الكارثة التي لا يزال يدفع العرب
والفلسطينيين ثمناً باهضاً لها.
التجربة الناصرية
قد يختلف الكثيرين معه بشأن تحليله للتجربة
الناصرية؛ بما لها وما عليها، حيث يتراءى له أن "جمال عبدالناصر" شخصية
عظيمة لا تقل عظمة عن "تشرشل" وما قام به؛ "له مواقف تجعله جذاباً،
ووفاته المبكرة، تسثير عندي، وعند الكثيرين من العرب شيئاً من الحنين، مع أنه بلا
جدال أحد حفاري قبر المشرق الذي كنت أحب...كان حكمي على الرجل العظيم متبايناً
جداً، ولا يزال حتى اليوم، ففي بعض الجوانب، كان آخر عمالقة العالم العربي، وربما
آخر فرصة سانحة لنهوضه من كبوته، ولكنه ارتكب أخطاء جسيمة للغاية، بشأن مسائل
جوهرية كثيرة، فلم يخلف من حوله سوى المرارة والندم والخيبة".
يعلل موقفه من ناصر؛ كونه ألغى تعددية الأحزاب
لإنشاء الحزب الواحد؛ وكمَّم الصحافة التي كانت تتمتع بقدر لابأس به من الحرية في
ظلَّ النظام السابق؛ واعتمد على المخابرات لإسكات خصومة؛ وكانت إدارته للاقتصاد
المصري بيروقراطية تفتقر إلى الكفاءة ومكلفة؛ وصادر الأموال والاملاك الوطنية وغير
الوطنية، ونزع ملكية الباشوات والتأميم وسلب الأقليات الأجنبية المتنوعة وتهجير
عدد كبير من عائلات الطبقة الوسطى، وهذا ما لم يفعله "مانديلا" حين
استلم مقاليد الحكم. ويضيف؛ دفعت به الديموغوجية القومية نحو الهاوية، ومعه كل
العالم العربي، بيد إنه يستدرك أمره في موقفين "..فمهما كان الرئيس دكتاتوراً
عسكرياً، وقومياً يكره الأجانب بهذا القدر أو ذاك، وبالنسبة إلى أهلي مغتصباً، إلا
أن الأمة العربية كانت في عهده تحظى بالاحترام. كان لديها مشروع، ولم تكن قد غرقت في
الشقاء أو في الحقد على الذات"، ويصف حالته النفسية يوم استقالة عبدالناصر
بعد هزيمة 1967: "وحتى أنا، لدي أسباب عديدة لكي لا أحب الرجل العظيم تأثرت
باستقالته مثلما لم أتأثر في حياتي. لم يكن قط بالنسبة لي شخصية أبوية، ولكني شعرت
بنفسي حينذاك يتيماً. تراءى لي بأنني وسط سيل عرم، وأنه الغصن الوحيد الذي أستطيع التعلق
به.أعتقد أن الشعوب تعيش ساعات الضياع واليأس على هذا النحو".
هزيمة 1967
بالنسبة لمعلوف، هزيمة 1967 تمثل مرحلة حاسمة
ولحظة تاريخية أحدثت انقلاباً في المفاهيم والمقاييس، فيها فقدت القومية العربية
كايديولوجيا طاغية في المنطقة كل مصداقيتها، وعلى المدى البعيد سيكون الإسلام
السياسي المستفيد الحقيقي من الهزيمة، وسيحلُّ محل القومية باعتباره الإيديولوجيا
الطاغية. يقول: "الهزيمة أحياناً فرصة، والعرب لم يحسنوا اغتنامها، هي لحظة
فارقعة ولدت اليأس العربي والعرب لم ينهضوا بعدها ولا يزالون يعانون من عقدتها،
والانتصار أحياناً فخاً، والاسرائيليون لم يحسنوا تفاديه. إسرئيل اعتبرت نفسها غير
ملزمة بتقديم أي تنازلات والتيارات المزايدة منهم تتحفظ على الآراضي المحتلة،
وعليه فالعرب ضحية الهزيمة، وإسرائيل ضحية الانتصار، لم تعد ترى أي مستقبل لها في
التسوية، ما يعني برأينا الفشل الذريع لمشروع التطبيع ومعلوف لا يجد أفق لأي تسوية
في المستقبل المنظور، وإن حدثت فلربما من الخارج في سياق تفادي صراعات بين الدول
الكبرى.
ثورات لكنها
محافظة
يكتب عن الثورات المحافظة في سنة الانقلاب
الكبير عام 1979. ثمة ما يستوجب الملاحظة في استحداث معلوف لمفهوم جديد وهو
"الثورات المحافظة" التي أدت إلى تغيرات جوهرية قلبت موازيين العالم
ونقلته من حال إلى حال أسوأ، وبالتالي ساهمت في غرق الحضارات. ركز على
"الثورة الاقتصادية المحافظة" التي أرستها رئيسة وزارء المملكة المتحدة
"مارغريت تاتشر" والتي امتدت إلى الولايات المتحدة في عهد
"ريغان"، وما خلفه نهجها على مفهوم الدولة التي أصبحت اليوم تمثل نموذج
لأساليب بعض أنظمة الحكم حتى من يميل منها إلى اليسار، ومن أبرز أساليبها؛ الحد من
تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وتقليص النفقات والمساعدات الاجتماعية واطلاق يد
أصحاب المشاريع والتخفيف من دور النقابات العمالية وتأثيرها وغيرها، فهي حسب معلوف
أحدثت بلبلة كبيرة في دول العالم.
إلى جانب ذلك انتصار "الثورة الخمينية في إيران" التي اندلعت باسم البؤساء والمستضعفين في الأرض وأدت إلى تغير جوهري في أجواء العالم الإسلامي، وخلقت تحركات في مجمل بلدانه، وعلى رأسها السعودية وافغانستان كما غيرت من أجواء المنطقة عامة، وما رافقها في نفس الفترة من حادثة احتلال "الحرم المكي الشريف" التي قامت به مجموعة أصولية بقيادة "جهيمان العتيبي"، وما أدت إليه نتائج أحداث 11 سبتمبر، إضافة إلى ثورة "دينغ شياو بينع" في الصين عام 1978، فهي ثورة محافظة لكنها انطلقت من روح العصر. ومنه يصل إلى إنه ومنذ سبعينيات القرن الماضي تراجع الدور الأوروبي كصانع للحضارة الحديثة، وتدهور وضع الأحزاب والحركات اليسارية والثورية أمام الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرّفة الأمر الذي أدى إلى المزيد من الكراهية والتعصّب واضطرابات خطيرة وفوضى قاتلة قد تغرق العالم.
إلى جانب ذلك انتصار "الثورة الخمينية في إيران" التي اندلعت باسم البؤساء والمستضعفين في الأرض وأدت إلى تغير جوهري في أجواء العالم الإسلامي، وخلقت تحركات في مجمل بلدانه، وعلى رأسها السعودية وافغانستان كما غيرت من أجواء المنطقة عامة، وما رافقها في نفس الفترة من حادثة احتلال "الحرم المكي الشريف" التي قامت به مجموعة أصولية بقيادة "جهيمان العتيبي"، وما أدت إليه نتائج أحداث 11 سبتمبر، إضافة إلى ثورة "دينغ شياو بينع" في الصين عام 1978، فهي ثورة محافظة لكنها انطلقت من روح العصر. ومنه يصل إلى إنه ومنذ سبعينيات القرن الماضي تراجع الدور الأوروبي كصانع للحضارة الحديثة، وتدهور وضع الأحزاب والحركات اليسارية والثورية أمام الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرّفة الأمر الذي أدى إلى المزيد من الكراهية والتعصّب واضطرابات خطيرة وفوضى قاتلة قد تغرق العالم.
تسوية طوباوية
الكتاب يتناول بشئ من المثالية والطوباوية المحاولات
التي جرت للتآليف والتقارب بين الايديولوجيات المتناقضة ويسوق مثالاً لها بما حدث
في ايطاليا لخلق تسوية تاريخية بين الرأسمالية والشيوعية، التي راح ضحيتها اغتيالاً
الزعيم الديمقراطي المسيحي الإيطالي "ألدو مورو" في 1978، ووجد بأنها فكرة
طوباوية واعدة رُميت في مزبلة التاريخ، بسبب غرور الاتحاد السوفياتي الذي كان
صاعداً وقتها ولم يعلم بأنه سينهار ويتفكك بعد عشر سنوات، كما ناقش الدور المهم
للأقليات في المجتمعات العربية وقدرة الماركسية على استيعابهم.
الخلاصة، لم يبتعد معلوف
في "غرق الحضارات" عن مواقف الغرب في تحميل العرب مسؤولية ما آلت إليه
أوضاعهم، وكأن النظام العالمي وتحالفاته ومصالحه مع أنظمة الاستبداد والدكتاتورية
بعيدة عن ساحة الصراع والتآمر والمسؤولية في تشكل التيارات السلفية المتطرفة وبما
لعبته ولا تزال من أدوار في استبقاء حالة الفوضى والاحتراب ونهب الثروات وتجزئية
المجزء استناداً إلى الهويات والانتماءات الضيقة، إلى جانب استجابتها للضغوط لسير في
مضمار التطبيع مع كيان العدو الصهيوني. ولعل الإجابة على التساؤلات التي طرحها عن
ماهية المنعطفات التي كان يجب عدم سلوكها؟ وما إذا كان في المستطاع تجنبها؟ وهل يمكن
اليوم التحكم بالدفة؟ تمثل تحدياً كبيراً قد يدفعه إلى توسيع دائرة القلق تجاه أحوالنا
خصوصاً وهو على قناعة راسخة بأنه لا أمل من أي تسويات مع إسرائيل على المدى
المنظور، الأمر الذي يؤكد موقف الشعب العربي الرافض للتطبيع، أما بالنسبة لقناعته بأن
الصحوة مازالت ممكنة حين تعود أوروبا لتولي مسؤولياتها القيادية وهي التي طالما
شكلت مركزاً حضارياً ومعرفياً للمجتمعات الإنسانية، فهى مراهنة كبيرة لا نعلم مدى
واقعيتها في خضم تفككك أوروبا وتصاعد اليمين المتطرّف فيها.
منى عباس فضل
المنامة - 2 يونيو 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق