الأحد، 7 أبريل 2019

لماذا نرفض التطبيع مع العدو الصهيوني؟

منى عباس فضل

لمن يفتح أبواب الوطن مَعبَراً لتعزيز "ثقافة التطبيع" وفرضها قسراً مع العدوّ الصهيوني، ولمن يعتزمون عقد مؤتمر دولي لرواد الأعمال في الفترة 15-18 أبريل/نيسان الجاري واستقبال وفد برئاسة وزير اقتصاد العدو، نقول:

-   إن "التطبيع خيانة ومشاركة فاقعة في تصفية القضية الفلسطينية وهو إفلاس أخلاقي وقيمي"، ننطلق من مواقف ثابتة لا تتغير نعلنها مدوية، صارخة لا لبس فيها "نرفض التطبيع" ونقطة على السطر.



نرفض التطبيع؛ لأن كيان العدو الصهيوني جسم غريب زرعه الاستعمار في قلب الوطن العربي، هو لا يمثل امتداداً للتاريخ والثقافة العربية، إنه كيان فرض رغماً عن إرداة الشعوب العربية وجاء بمشروع النهب المنظم لأرض فلسطين الحبيبة وتشريد وتقتيل شعبها وإعلان الحرب على العرب، وليس من المنطق التنازل بالصفح والاعتراف لسارق البيت وقاتل الشعب.

ولأن التطبيع يعني السعي لأن يكون واقع الكيان الصهيوني الشاذ كياناً طبيعياً ومقبولاً وشرعياً باعتراف أهل الحق "الفلسطينون" كي ينتفي حقهم في أرضهم المنهوبة. نرفض التطبيع ونرفض إزالة حالة العداء مع المحتل والاعتراف بشرعية دولته الذي يمهّد إلى فتح الأبواب والعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تجعل من أوطاننا ساحة مفتوحة مباحة للمجرمين واللصوص الداعمين للمشروع الاستراتيجي في تثبيت سرقة "فلسطين" وكسر إرداة الشعوب العربية وإخضاعها للقبول بسياسة الأمر الواقع و"الواقعية السياسية" و"بظروف المرحلة" أو ما يسمى "بتأثير القطب الواحد" والانخراط فيما يسمى بعملية "السلام"، اقتناعاً أو قسراً وإضفاء أي شكل من أشكال الشرعية على "اغتصاب الأرض" وتكريس ملكيتها والسيادة عليها للعدو الصهيوني.



نرفض التطبيع، برفض التعامل مع دولة "العدو الصهيوني" ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والعسكرية وغيرها، نرفض الاعتراف بالتواصل مع العدو واستقباله ومجاملته والجلوس معه على طاولة واحدة وجعل ذلك الفعل والموقف المشين أمراً "مقبولاً" وشعبياً، فقد أثبت التاريخ عقم "مشاريع التطبيع" التي لا تعبر عن وجدان الأمة العربية وموقفها تجاه فشل التوقيع على "اتفاقية كامب ديفيد" و"مخرجات مؤتمر مدريد وأوسلو"...إلخ"، إن فلسطين لا تزال مغتصبة، والأراضي العربية محتلة ومنهوبة من القدس إلى الجولان، سواءٌ بقوة السلاح أو بالتدخل في الشؤون الداخلية وبالتدمير والإختراق والإرتهان للدول الكبرى ومشاريعها.

نرفض التطبيع لأن قتل العرب في فلسطين بدم بارد لا يزال مستمراً، ولأن هدم المنازل والتشريد والاعتقال والتعذيب في السجون الإسرائيلية وعزل المناطق العربية بالحواجز والأسوار لا يزال قائماً، ولأن فلسطين العربية التاريخية تحولت إلى "الضفة وقطاع غزة" وصارت كنتونات معزولة تحمل هوية مشوهة باسم أ وب وج التي تقع تحت سيادة ضباط الجيش الصهيوني الذين يقررون اجتياحها وقصفها وقتل أبنائها متى شاؤوا وعربدوا. نرفض التطبيع لأنه يحول قضية اللاجئين الفلسطينيين من قضية "حق عودة" إلى قضية "تعويض وتوطين" في دول الشتات.

نرفض التطبيع لأنه ترويج لمشروعية الاستيطان وتسويق للعنصرية الإسرائيلية ومشروعية الاعتداء والنهب، وهو تزوير لوعي الشعوب العربية وقهر لإرادتها وإعادة تشكيل لإنسان عربي يعمّق في داخله التسطيح والشعور بالهزيمة واليأس من التغيير والأسوا القبول بالإندمادج في إطار "المشروع الصهيوني" نقيض "المشروع العربي"، إنه تعزيز للاستسلام تحت يافطة "سلام الشجعان".


"التطبيع" تشويه للحقائق وحجبها عن الأجيال الصاعدة حول حقيقة العدو الصهيوني، هو الطريقة "الناعمة" بعيدة المدى التي يأمل منها الصهاينة الاعتراف بمشروعهم العنصري والقبول بوجودهم الغاصب في فلسطين للأبد؛ التطبيع هو "الحرب الباردة" التي يشنونها على العرب بعد حروبهم الساخنة واحتلالتهم، إنه يعني أن العرب تخلّوا عن المقاومة لاسترجاع فلسطين وقرروا التعايش مع "العدو" وإدماجه في المنطقة وإقامة علاقات جوار سوية ومثمرة له.
  
لهذا وذاك فإن "رفض التطبيع" تمرين شعبي عميق المعاني والدلالات ليكرس الشعور العالي بالكرامة وبالتلاحم النضالي الوطني الرافض "لروح الهزيمة والانكسار والاستسلام". 

منى عباس فضل
المنامة – 7 أبريل 2019




هناك تعليق واحد:

  1. شكرا أم يوسف على هذه المقالة، نعم لا للتطبيع فهي معركتنا الأخيرة التي بخسارتها ضياع لمجمل القضية.بقاء القضية الفلسطينية حية في الضمير العربي مشعل نور للأجيال حتي تحين استرجاع الحقوق المسلوبة ظلما وعدوان كحق لا جدال من حوله وطنيا وإنسانيا.

    ردحذف